كتاب تفسير العثيمين: النور
الآية (١٢)
قَالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (١٢)} [النور: ١٢].
* * *
قَوْلهُ: {لَوْلَا} يَقُول المُفَسِّر -رَحِمَهُ اللهُ-: [هلَّا {إِذْ} حِينَ {سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ} أَي: ظَنَّ بَعْضهمْ بِبَعْضٍ {خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ} كَذِب بَيِّن] اهـ.
يَقُول الشَّارِحُ: {لَوْلَا} بمَعْنى (هلَّا) فهي أداة تحضيض وفيها شَيْء من التَّوبِيخ حيث ظنوا أمرًا لا يَنْبَغِي أن يَكُون، والمَعْنى هلَّا إِذْ سمعتموه أي: سمعتم هَذَا الخبر الَّذِي فَشَا ولا أصلَ له.
قَوْلهُ: {ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا}.
أولًا: {ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ} يَقُول المُفَسِّر -رَحِمَهُ اللهُ-: [فِيهِ الْتِفَات عَنْ الخِطَاب] أي: إلى الظَّاهِر، انظر {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ} مقتضى السِّياق أن يُقال ظننتم بأنفسكم خيرًا لكنَّه قَالَ: {ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا} فالتفت من الخِطَاب إلى الظَّاهِر يعني من ضمير الخِطَاب إلى الاسْم الظَّاهِر.
وقد تقدَّم أن للالتفات فائدتين على الأقل: الأولى: التَّنْبيه، والثَّانية: يُعَيّنها السِّياق، فلا نستطيع أن نُعَيّنها ونُحددها لكن يُعَيّنها السِّياق وأمَّا التحديد فلَيْسَ دائمًا.
الصفحة 69