كتاب تفسير العثيمين: الفرقان

يُبَشَّرُونَ بالعذاب، وهو لا يبشَّر به عادةً، وبعضهم يقول: إذا قُيّد بشَيْءٍ تُقيِّد به لكِن عند الإطلاق هو في الخيرِ.

من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَة الأولى: استدلَّ أهل السُّنَّة والجَماعَة بمثل هَذِهِ الآية عَلَى أَنَّ القُرْآن كَلام اللَّه، يُستفاد من قولِه: {نَزَّلَ الْفُرْقَانَ}.
الْفَائِدَة الثَّانية: أنَّ اللَّه في السماء، ووجهُ الدلالة أو وجه الْفَائِدَة أن النزول يَكُون من عُلُوٍّ، وإذا كان اللَّه نزَّل الفُرقان فإن هَذَا يدل على عُلُوِّ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
الْفَائِدَة الثالثة: أنَّ القُرْآنَ كلَّه واضحٌ صريحٌ، ليس فيه إشكالٌ؛ لِأَنَّهُ لا يُمْكِنُ أن يَكُون فرقانًا إلا على هَذَا الوجهِ؛ لقولِهِ: {نَزَّلَ الْفُرْقَانَ}. وقد أجبنا عمَّا أوردناه من قوله تَعَالَى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا} [الزمر: ٢٣]، وبيَّنَّا أن المراد بالتشابُهِ ليس اشتباه المعنى، بل هو الموافَقة والمشاكَلَة في الكمال والحُسْن.
الْفَائِدَة الرابعة: إثبات الحِكمة في أفعال اللَّه؛ لِقَوْلِهِ: {لِيَكُونَ} لِأَنَّ (اللام) في قوله: {لِيَكُونَ} للتعليل، فإذا كانت للتعليل دلَّ هَذَا على أنها تُفِيدُ الحِكمة؛ إذ العِلَّة هي الباعثة على الشَيْء، أو هي غاية الشَيْء؛ لِأَنَّ العِلَّة إما غائِيَّةٌ أو باعِثة، وكل منها يدل على الحِكْمَة.
الْفَائِدَة الخامسة: عموم رسالة النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لِقَوْلِهِ: {لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ}. وَأَمَّا مَن قال: إِنَّهُ رسولٌ إلى العرب فقطْ فَإِنَّهُ كافرٌ به، فالَّذِينَ قالوا: إِنَّهُ رسول إلى العرب قالوا: إن اللَّه تَعَالَى يقول: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} [الجمعة: ٢]، هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ رسولُ للعربِ فقطْ، وَأَمَّا بنو إسرائيل فلا يُكَلَّفون باتباع الرَّسول -صلى اللَّه عليه وسلم-.

الصفحة 18