كتاب تفسير العثيمين: الفرقان

قوله: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ} اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ليس له شَريكٌ في المُلْك، فما شَارَكَه أحدٌ؛ لا أحدٌ مِنَ الملائكة ولا أحد مِنَ الأنبياء، ولا أحد مِمَّن دونهم، المُلْكُ للَّه وحدَهُ، لا شَريكَ له فيه، وفي هَذَا إبطالٌ للذين أشركوا باللَّه في الربوبيَّة، مثل الَّذِينَ يقولون: إن بعض الأولياء يَتَصَرَّفُونَ بالكون، هَؤُلَاءِ لا شكَّ أنَّهم خاطئون، وأنَّهم كاذِبون أيضًا، فهم خاطئون في عقيدتهم، كاذبون فيما أَخبَروا به، فاللَّه عَزَّ وَجَلَّ ليس له شريكٌ في المُلْكِ.
فَإِذَا قَالَ قَائِلٌ: أَلَسْنَا نملِك بيوتَنا وثِيَابَنا ومواشيَنا، فهل هَذَا يَقْتَضِي أنْ يَكُونَ للَّه شريكٌ؟
فالجواب: لا؛ لِأَنَّ مِلْكَنَا لهَذِهِ الأشياءِ ليس مِلكًا مُطْلَقًا، صحيح أنا مالك لبيتي، ومالك لثوبي، ومالك لسيارتي، ومالك لماشيتي، لكِن مِلكي لهَذِهِ الأشياءِ ليس مِلكًا مطلقًا، بدليل أنني مقيَّد بالشرعِ في التصرُّف في هَذِهِ الأشياءِ، فأنا لا أملِك مثلًا أنْ أقومَ عليها فأُحْرِقها، وحرام عليَّ ذلك، كذلك لا أملِك مثلًا أن أَشُقَّ على الحيوانِ في الحمل والركوب وغير ذلك، إذَن فكوني مالكًا لا يَقتضِي أن أكونَ شريكا للَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في ملكه؛ لِأَنَّ مِلكي هَذَا مقيَّد بحسَب إذنِ الشارع لي، فلا أتصرف فيه إلَّا بما أَذِنَ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
قوله: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} يقول المُفَسِّر: [مِن شأنِهِ أنْ يُخْلَقَ]، و {كُلَّ} للعموم.
لكِن المُفَسِّر قيَّدها بقوله: [من شأنه أن يُخْلَق]؛ لكي لا يدخل القُرْآنُ أو نفسُه.
فَلَوْ قَالَ الإِنْسَانُ: هل خَلَقَ اللَّه نفسَه.

الصفحة 22