كتاب تفسير العثيمين: الفرقان

وليس معنى القَوْلِ أن يردَّ عليه، فمن القَوْلِ أن يَنْصَحَهُ؛ يقول: يا أخي، اتقِ اللَّهَ، مثلما قَالَ الرَّسول -صلى اللَّه عليه وسلم- فيمَن شُتِمَ وهو صائمٌ، قال: "فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ" (¬١) فالمهمُّ أنْ يَسْلُكَ الطَّريقَ؛ لِأَنَّ سكوتَه قد يؤدِّي إِلَى استطالةِ الآخرِ عليه ويَعْتَقِد أَنَّهُ ضعيفٌ أمامَه.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: قوُله تَعَالَى: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ} [القصص: ٥٥]، هل هَذِهِ الآيةُ مثل قَوْلِه: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا}؟
نقول: هَذِهِ الآية غير تِلْكَ، فَقَوْلُه: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ} الخِطَاب مَعَهم، وقوله: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ} يَعْنِي أنَّ الكَلامَ لَيْسَ فِيهِ فائدةٌ فقَامُوا وَترَكُوهم وقالوا: سلامٌ عليكمْ.
* * *
---------------
(¬١) أخرجه البخاري: كتاب الصوم، باب فضل الصوم، رقم (١٨٩٤)، ومسلم: كتاب الصيام، باب حفظ اللسان للصائم، رقم (١١٥١).

الصفحة 273