كتاب تفسير العثيمين: الفرقان

قوله: {مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا} هل (مِنْ) للتبعيضِ أو لبيانِ الجِنْسِ؟ لبيانِ الجنسِ، فهم لا يَقُولُونَ: بعض أزواجنا تهَب لنا منهم قُرَّةَ أَعْيُنٍ، بل الجميع، ولَكِنها للبيان، فـ (من) بيانيَّة وليستْ تَبْعِيضِيَّة.
وقوله: {مِنْ أَزْوَاجِنَا} جمع زوجٍ، فيَشمَل الذَّكَرَ والأُنثى، فقوله: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ} الرجل يقوله؛ لأن (الذين) للمذكَّر، والمرأة تقوله أَيْضًا؛ لأن الخطاب أو التحدُّث بصيغةِ جمعِ المذكَّر يشمل المؤنَّث أَيْضًا، فالمرأة تقوله والرجل يقوله أيضًا.
قوله: {هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا} قراءتانِ (¬١): "ذُرِّيَتِنَا" و {وَذُرِّيَّاتِنَا}، أمَّا عَلَى قراءة {وَذُرِّيَّاتِنَا} فالوجهُ فِيهَا ظاهر لفظًا ومعنًى، أَمَّا لفظًا فلِمُنَاسَبَةِ الجمعِ قبلها: {مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا}، وَأَمَّا معنًى فلأنه أشملُ، فشموله ظاهِرٌ مِنْ أجْلِ الجمعِ، وَأَمَّا "ذُرِّيَّتِنا" فإنها لا تَتَلاقَى معَ ما قبلَها من حيثُ الصِّيغةُ؛ لِأَنَّهَا مفرَدةٌ، لَكِنَّها تُلاقيها من حيثُ المعنى؛ لِأَنَّهَا مفرد مضاف، والمفرد المضاف للعموم، ويَدُلُّ عَلَى أن المفردَ المضافَ للعمومِ من القُرْآنِ قولُه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [النحل: ١٨]، يقينًا أن المرادَ بالنعمةِ هنا الجمعُ؛ لِأنَّهُ قال: {وَإِنْ تَعُدُّوا} والنعمة الوَاحِدةُ أوَّلًا: لا تُعَدُّ، والشَيْء الثَّاني: تُحْصَى، واللَّه يقول: {لَا تُحْصُوهَا} فهذا مثالٌ واضح جِدًّا عَلَى أن المفردَ المضافَ يَكُون للعمومِ والشمولِ، إذَن (ذُرِّيَّتنا) عَلَى قراءةِ الإفرادِ يلاقي ما قبله من حيثُ المعنى؛ لِأنَّهُ يشمل جميع الذُّرِّيَّة.
ومَنِ المرادُ بالذُّرِّيَّة؟
---------------
(¬١) الحجة في القراءات السبع (ص: ٢٦٦).

الصفحة 325