كتاب تفسير العثيمين: الفرقان

وصارتْ مساجدُنا كلها أئِمَّة أجانبَ فالإمامُ يؤثِّر، ولولا أن النَّاسَ عِنْدَهم تَمَسُّك وعدم ثِقَة بالأجانبِ وعندهم ثقةٌ كبيرةٌ فِي المواطنينَ لكانَ كل الَّذِينَ يصلون وراء هَؤُلَاءِ الأجانبِ يَجْهَرُون بِالْبَسْمَلَةِ ويَقْنُتُونَ فِي الفجرِ، وهكذا، لكِن الحمد للَّه أَنَّهُمْ إِلَى الَانَ ما صارَ لهم قَبُول فِي البلدِ، وهَذِهِ من نعمةِ اللَّهِ، وإلَّا كانوا يؤثِّرون تأثيرًا بالغًا، فالإمام لَا شَكَّ أَنَّهُ يؤثِّر في مَن خَلْفه، نحن نقولُ: يَجِب عَلَى المواطنينَ عِندنا أن يَسُدُّوا هَذَا الفراغَ لِئَلَّا يَشْغَلَه مَن لا يُوثَق بِهِ، وبعضهم يُدَخِّنُونَ، لكِن الدخان أهون من العَقِيدة؛ لأن المشكِلة فِي العقيدةِ، الآن المهمُّ هو العقيدةُ.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: الأوقافُ لها لوائحُ ويَجِب عَلَى الإمامِ كذا وكذا، فصارتِ الإمامةُ وظيفةً؟ هي وظيفةٌ، حَتَّى الفقهاء يُسَمُّونها وظائف، وإذا قُلْنَا: إِنَّهُ يَجِب عَلَى الإمامِ كذا بِمُقْتَضَى الإمامةِ، هل هَذَا يَمْنَع أَيْضًا لأنك أنتَ إذا ما قمتَ بِهَذَا قامَ بِهَا الأجنبيُّ.
لَوْ قِيلَ: الأَجْنَبِيُّ يُرْشِدُ النَّاسَ وسيقول كَلِمَةَ خَيْرٍ؟
قُلْنَا: ما الَّذِي يُدْرِيكَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ كَلِمة خير.
لَوْ قِيلَ: هَذَا واضح.
نقول: قبل أن يتكلم وهو غير معروف لك ليس بواضح.
ثم أَيْضًا هَذَا الإمام نفسُه قد لا يَكُونُ عِنْدَهُ إدراكٌ، فهذا الَّذِي يقولُ كَلِمَةَ خير يمكن أنْ يأتيَ بحديثٍ موضوعٍ؛ كقولهِم: الَّذِي يَتْرُكُ الصلاةَ له خَمْسَةَ عَشْرَةَ خَصْلَةً (¬١)
---------------
(¬١) قال الحافظ في لسان الميزان (٧/ ٣٦٦) في ترجمة محمد بن علي بن العباس البغدادي العطار: "زعم المذكور -صاحب الترجمة- أن ابن زياد أخبره عن الربيع، عن الشافعي، عن مالك، عن سُمَيّ، عَن أبي صالح، عَن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، رفعه: من تهاون بصلاة عاقبه اللَّه بخمس عشرة خصلة. . . الحديث. وهو ظاهر البطلان من أحاديث الطرقية".

الصفحة 333