كتاب تفسير العثيمين: الفرقان

وهو حديث موضوعٌ، ما الَّذِي يُدْرِيكَ، واتقاءُ الشرِّ قبلَ الوُقُوعِ فِيهِ أحسنُ مِن علاجِه بعدَما يَقَع.
لَوْ قِيلَ: الأَصْلُ الإباحةُ، والرَّسول -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يَمْنَعْ أحدًا؟
أولًا ما أظُنُّ أنَّ أحدًا يَتكلَّم والرَّسول -صلى اللَّه عليه وسلم- حاضرٌ، هَذِهِ وَاحِدةٌ، وكَذَلِك أَيْضًا ما عَهِدنا أنَّ أحدًا يتكلَّم معَ وجودِ الأئمَّة، والشَيْء الثَّاني نحن لا نقول: إن الحقَّ يَجِب أنْ يمنع لكِن نقولُ: مَنْ يقولُ: إن هَؤُلَاءِ يريدون الحق؟ نجدُ كثيرًا يتكلمونَ وإذا انْتَهَوْا قالوا: أَعْطُونا. فهَؤُلَاءِ يَجِبُ أَنْ يُمْنَعُوا ويُضْرَبُوا أيضًا، فهم يَصطادون الدُّنْيا بالدِّين، فبعدما يُوَجِّه يقولُ: واللَّهِ أنا فِي الحقيقةِ مستح منكم وخجلان، لكِن عليَّ كذا وكذا. أنت مستحٍ وخجلان فلماذا تَعِظُهم وتقول: أَعْطُوني قروشًا؟ ! وهَذِهِ حَصَلَتْ عندنا بالجامعِ، وتحصُل عند غيرِنا، ونَسْمَع عن هَذَا، وهذا الشخص لَيْسَ معروفًا، وإذا كَانَ معروفًا لا يُمْنَع، وأنا لم تَأْتِنِي تبليغاتٌ من هَذِهِ، لكِن أَجْزِم جَزْمًا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ الَّذِي لا تَعْرِفُونَه، فلا تَسْمَحُونَ لهم.
المهم أن هَذَا غير مانعٍ من تولِّي الإمامةِ، وأنت إذا كُنْتَ غيرَ إمامٍ وتَوَلَّى الإمامةَ غيرُك هل سَيَسْمَح للناس أن يَتكلَّموا؟ أبدًا، أنا قَصْدي أن الإمامةَ فِيهَا مصالحُ كثيرةٌ بالنسبة للشخصِ نفسِه؛ لِأنَّهُ يَقْدِر أنْ يَتكَلَّم بما يشاءُ ويوجِّه النَّاسَ، وعندما لا يَكُون إمامًا لو جاء يتكلم قَالَ له الإمام: لا تَتَكَلَّم، لكِن لو صارَ هو الإمامَ هل أحدٌ يَمْنَعُه ويقول له لا تتكلم؟ إذَن يَنْفَع النَّاس بِعِلْمِه، ثم هي أَيْضًا ممَّا يُعِين عَلَى الطاعةِ، فأنا أشعُر بِهَذَا عندَما كنتُ غيرَ إمامٍ، فيَفُوتني بعضَ الأحيانِ بعضُ الصلاةِ، وأتكاسَلُ، وأحيانًا أذهَبُ إِلَى هَذَا المسجدِ، وأحيانًا أذهب إِلَى هَذَا المسجدِ، لكِن لمَّا صِرْتُ إمامًا لم تَفُتْنِي صلاةُ الجمَاعَةِ.

الصفحة 334