كتاب تفسير العثيمين: الفرقان

سَيَتبَيَّن هَذَا وهذا، فبعد التشكيل -في الحقيقة- لا تتبين القراءة، يعني لا تكون الكلمة الوَاحِدة جامعة للقراءات.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: أليس القُرْآن نزل ملفوظًا به، فالمقصود تَعَلُّم اللفظ، فما المانع على هَذَا أن تكونَ الكِتَابةُ على هَذِهِ الطَّريقةِ جائزةً؟
نحن نقول بناء على الخلاف، أَمَّا إذا قُلْنا بالجواز فطَريقة برايل جائزة، لكِن الَّذِي يوجِب علينا الإِشْكال قول مَن قال: إن فيها اختصارًا. المهم أننا إذا قُلْنا بالجواز سواء تفصيلًا أو إطلاقًا فطَريقة برايل هَذِهِ جائزة للحاجة، فعلى القول بجواز كتابة القُرْآن بغير الرسم العثماني الأمر فيها واسع، وما زال النَّاس الآن بالنسبة لتعليم الصبيان يكتبونه بالرسم العصري، وأنا ليس عندي إشكال في جواز الرسم العصري حتى وإن لم يحتج الإنْسَان إليه، كما أشرنا إليه، وذكرنا ثلاثة أوجه للجواز:
الوجه الأول: أن القُرْآن نزل مَلفوظًا به لا مَكتوبًا، وحِينَئذٍ يمنع التوقيف.
الوجه الثَّاني: أَنَّهُ إِنَّمَا كُتب على هَذَا الوجه لِأَنَّ القاعدة الرسميَّة في ذلك الوقت كانت على هَذَا الوصفِ، لا لأنَّ الرَّسول مثلًا قال: اكْتبوه على هَذِهِ الصِّفةِ، أو أن جِبريل نَزَلَ به على هَذِهِ الصِّفةِ، إلى آخِرِهِ.
فَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: في حديثٍ ذَكَرَه الزُّرقاني ذَكَرَ فيه كيفيَّة أمرِ النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لهم بكتابةِ القُرْآنِ على هَذِهِ الصِّفةِ، كأنْ يقولَ لَهُم: مُدُّوا الألفَ أوْ حرِّكوا اللامَ، ذكر فيه قواعد الرسم الخمسة: الحذف والوصل. . . إلخ؟
فالجواب: إذا قال: مُدُّوا الألف فهذا عليهم؛ لِأَنَّ (مَلِكْ يَومِ الدِينِ) إذا مُدَّتِ الألفُ ثَبَتَتِ الألفُ، معَ أني لا أَعتقِد أن هَذَا يَصِحُّ عن الرَّسولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أبدًا،

الصفحة 43