كتاب تفسير العثيمين: الفرقان

وقوله: {مَلَكٌ} أحد الملائكة، وهو مشتقٌّ مِنَ الأَلُوكَة، وهي لغة الرِّسَالة، وقد قَالَ اللَّه تَعَالَى: {جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا} [فاطر: ١].
قوله: {فَيَكُونَ مَعَهُ} مع الرَّسول -صلى اللَّه عليه وسلم- {نَذِيرًا} يعني منذرًا؛ لِيُعْلَم بذلك أَنَّه صادق.
الوجه الرابع: {أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ} قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [مِنَ السَّمَاء ينفقه، ولا يحتاج إلى المشي في الأسواق لطلبِ المعاشِ].
قوله: {يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ} يعني يُنزل كَنْزٌ مِنَ السماءِ، وإنما قُلْنا: مِنَ السَّمَاء لِأَنَّ قوله: {إِلَيْهِ} يدل على الانتهاء والغاية، وإلا مِنَ الجائز أن يَكُونَ معنى قوله: {أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ} يعني يجد كَنزًا في الأرض، ولَكِنَّ (إلى) تفيد الانتهاء والغاية، فيَكُون معنى هذا: يُلْقى إليه مِنَ السماء، أي يُنْزَلُ إليه مِنَ السَّمَاء كَنز ليَكُونَ ذا مالٍ كثيرٍ؛ فلا يَحتاج إلى المشي في الأسواق، ولا يُصيبه الفقر كما هي حال النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الآن يأكل الطعام ويمشي في الأسواق، قالوا: {لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ} {أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ}.
{أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ} قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [بستان {يَأْكُلُ مِنْهَا} أي من ثمارها فيَكتفي بها، وفي قراءةٍ: "نأكل" بالنون، أيْ نحنُ، فيَكُون له مَزِيَّة عَلَيْنَا بها]، قوله [وفي قراءة]، أي سَبْعِيَّة؛ لِأَنَّ قاعدة المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ إذا قال: "وفي قراءة" فهي سبعيَّة، وإذا. قال: (وقُرِئ) فهي شاذَّة. إذَن فيها قراءتان {يَأْكُلُ مِنْهَا} و"نأكلُ مِنهَا" (¬١). فهَذِهِ خمسةُ أشياءَ اعْتَرَضُوا بها.
---------------
(¬١) الحجة في القراءات السبع (ص ٢٦٤).

الصفحة 49