كتاب تفسير العثيمين: الفرقان

الآية (١٠)
* * *

* قالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا} [الفرقان: ١٠].
* * *

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{تَبَارَكَ} تكاثَر خَيْر {الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ}]، المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ في أول السورة فسَّر تبارك بـ (تَعَالَى)، وهنا فسَّرها بـ (تكاثر خَيْرُه)، فهل معنى ذلك أن هَذِهِ الكلِمة خاضعة للسياق، وأنها تفسَّر في سياقٍ بمعنى (تَعَالَى) وفي سياق بمعنى (تكاثر خيرُه)؟ ظاهر صَنيع المُفَسِّر أنها كذلك وأن هَذِهِ الكلمة (تبارك) إن جاءت في سياق فُسِّرَت بمقتضاهُ وإنْ جاءت في سياق آخَر فسرت بمقتضاه، ولَكِنَّنا أشرنا فيما سبق إلى أنها وإنْ دلَّتْ على التعالي فهي دالَّة أيضًا على كَثرةِ الخير؛ لِأَنَّهَا مِنَ البَركة، والبركة هي كثرة الخير مع دوامِهِ، مأخوذةٌ من البِرْكة الَّتِي هي مَجْمَعُ الماءِ، ففيها ماء ثابتٌ وكثيرٌ.
قوله: {تَبَارَكَ} أي تَعالَى معَ كثرةِ الخيراتِ {الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ} إلى آخره، جُملة صلة الموصول هنا شرطيَّة، أي الجملة الَّتِي وُصل بها الموصول شرطية؛ وهي {إِنْ شَاءَ جَعَلَ}، فنستفيد من ذلك أن صلة الموصول تأتي شرطيةً، وإذا أتتْ شرطيةً فلا بدَّ من وجود فعل الشرطِ وجواب الشرط، ثُمَّ نقول: الجملة من فعل الشرط وجوابه صلة الموصول لا محلَّ لها من الإعرابِ.

الصفحة 57