كتاب تفسير العثيمين: الفرقان

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
* * *

* قالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}.
* * *

الحمدُ للَّه ربِّ العَالمِينَ، وصلَّى اللَّهُ وسلَّمَ عَلَى نبيِّنَا مُحَمَّدٍ، وعَلَى آلِهِ وأصحَابِهِ ومَنْ تَبِعَهُم بإحَسَانٍ إِلَى يَومِ الدِّينِ. وبَعد:
تَقَدَّمَ الكَلامُ على البَسْمَلَةِ، وما أكثرَ الكَلامَ عليها في المؤلَّفات؛ لِأَنَّهَا تكون في كل مؤلَّف. والجارُّ والمجرور متعلِّق بمحذوفٍ تقديره (اقْرَأْ)، ويُقَدَّر عندَ كلِّ فِعلٍ بما يُناسِبُه، فعندَ القراءةِ تقولُ: بِاسمِ اللَّهِ أَقرَأُ، وعندَ الأكلِ تقولُ: باسمِ اللَّهِ آكُل، وعندَ الشُّرْبِ تقولُ: باسمِ اللَّهِ أَشرَبُ، وعندَ الذَّبحِ تقولُ: باسمِ اللَّهِ أَذبَحُ، كما قالَ النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَلْيَذْبَحْ بِاسْمِ اللَّهِ" (¬١).
وقدَّروه فِعلًا، لا مصدرًا، يعني قالوا: (باسمِ اللَّه أَقْرَأُ) ولم يقولوا: (باسمِ اللَّهِ قِراءتي) فيقدَّر فعلًا؛ لسَبَبين:
أوَّلًا: التَّسْمِيَة على فِعْلٍ، والفعل يَقتضي التجدُّد والحُدُوث، وهَذِهِ فائدة مَعنويَّة.
ثانيًا: لأنَّ الأَصْلَ في العَمَلِ هو الفعلُ، فَهُوَ الَّذِي يَقْوَى على أنْ يعملَ محذوفًا،
---------------
(¬١) أخرجه البخاري: كتاب التوحيد، باب السؤال بأسماء اللَّه تعالى والاستعاذة بها، رقم (٧٤٠٠)، ومسلم: كتاب الأضاحي، باب وقتها، رقم (١٩٦٠).

الصفحة 7