كتاب تفسير العثيمين: الفرقان

يقرأ في مثل هَذِهِ الكتب فَإِنَّهُ يَجِب علينا أن نتكلم معه، ليس أمام النَّاس، لا؛ لِأَنَّ العوامَّ كما هو معروف يَكُونون مع إمامهم، فيمكن أن تقوم بحقٍّ وهم يقومون عليك، لكِن من الممكن إذا انتهى تقول: يا أخي، فتأتي به بطمأنينة وتقول: أنت إمام يُقتدَى بك والعوامّ يقولون: (ما قيل في المِحْراب فَهُوَ صواب)، فيَجِبُ أن تعرفَ أن هَذَا خِلافُ الشرع. وتُبَيِّن له ما استطعتَ مِنَ البيان حتى يَكُون الأئمَّة الَّذِينَ يُقتدَى بهم الآن على صوابٍ.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: هل حديثُ ضَغطةِ القبرِ صحيحٌ؟
الجواب: ضَغطة القبرِ لا أَعْرِف في صِحَّتها دليلًا، وَرَدَ في قِصَّة سَعْدِ بنِ مُعاذ (¬١)، ولكن لا يَحْضُرني الآن هل هو صحيح أم لا؟ هو قَطعًا ليس في الصحيحينِ، لكِن لا أدري هل يصل إلى درجة الصحة أم لا، لكِن مهما كان ضغطة القبر ليست بشَيْءٍ بالنسبة لما يقولون وما يصفونَ من حال الميتِ، وهم يركِّزون على مسألةِ الجسمِ، حتى إن النَّاسَ مهما كانت أعمالُهم الصالحةُ يَقَعُون في القُنوط.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: هل فَناء الجسم أو بقاؤه دليل على الصلاح؟
فالظاهر: أن بقاءَه يدل على الصلاح؛ لِأنَّهُ ما يَبْقَى إلا كَرامة؛ لِأَنَّ الأَصْل أن الأجسام تأكلها الأرض إلا الأنبياء؛ فإنهم لا تأكلهم الأرض (¬٢)، وفناؤه لا يدل عَلَى أَنَّ الإنْسَان ليس من أهلِ الخيرِ، لكِن بقاء الجسم قد يَقَعُ كرامةً لبعضِ أهلِ الخيرِ.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: وهل الأرض لا تأكل أجساد الشهداء؟
---------------
(¬١) أخرجه النسائي: كتاب الجنائز، باب ضمة القبر وضغطته، رقم (٢٠٥٥).
(¬٢) أخرجه أبو داود: تفريع أبواب الجمعة، باب فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة، رقم (١٠٤٧)، والنسائي: كتاب الجمعة، باب إكثار الصلاة على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم الجمعة، رقم (١٣٧٤)، وابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب في فضل الجمعة، رقم (١٠٨٥).

الصفحة 76