كتاب تفسير العثيمين: فاطر

يَتَفَرَّعُ من هذه الفائِدَة: أَنَّه لا يُمْكِنُ التَّسْوِيَة بين الرَّجُلِ والمَرْأَة في الحُقُوقِ ولا في غَيْرها؛ لأنَّ تَكْوينَ خِلْقَةِ المَرْأَة مُخْتَلِف عن تكوينِ خِلْقَة الرَّجُلِ؛ ولهذا جعل الله للمَرْأَةِ أعمالًا تليقُ بها وللرَّجُلِ أَعْمالًا تليقُ به.
فقد سألَتْ عائِشَةُ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: هَلْ عَلَى النِّسَاءِ مِنْ جِهَادٍ؟ قَالَ: "نَعَمْ عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لَا قِتَالَ فِيهِ: الحَجُّ وَالعُمْرَةُ" (¬١).
وقال النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأةً" (¬٢)، ونهى النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عن تَزْويجِ المَرْأَةِ نفسها (¬٣)، وفي الميراثِ جَعَلَ للمَرْأَةِ نِصْفَ الرَّجُل إذا كان من جِنْسِها كالإِخْوَة والأَوْلادِ، وهل الأعمامُ كذلك؟
الجواب: لا؛ لأنَّ العَمَّةُ لا تَرِثُ، فلو هلك هالِكٌ عن عَمِّه وعَمَّتِهِ، فإنَّ العَمَّةَ لا تَرِثُ.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: بَيَانُ قُدْرةِ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ حَيْثُ جعل من هذا الماءِ هَذَيْنِ الصِّنْفَيْنِ المُتَباعِدَيْنِ هما بَحْرانِ من الماء؛ أَحَدُهُما: عذبٌ فراتٌ سائغٌ شَرابُه، والثاني: مِلْحٌ أُجاجٌ، فهما شَيْءٌ واحِدٌ، ومع ذلك يَخْتَلِفانِ هذا الإختلافَ.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أنَّ الماءَ العَذْبَ يكون سائِغَ الشُّرْبِ، وعَكْسُه الماءُ المالِحُ.
ويتفَرَّعُ على ذلك: أنَّه لا يَنْبَغي للإِنْسَانِ أن يَشْرَبَ ما لا يَسْتَسيغُه؛ لأنَّ ذلك
---------------
(¬١) أخرجه الامام أحمد (٦/ ١٦٥)، وابن ماجه: كتاب المناسك، باب الحج جهاد النساء، رقم (٢٩٠١)، من حديث عائشة -رضي الله عنهَا -.
(¬٢) أخرجه البخاري: كتاب المغازي، باب كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى كسرى وقيصر، رقم (٤٤٢٥)، من حديث أبي بكرة - رضي الله عنه -.
(¬٣) أخرجه ابن ماجه: كتاب النكاح، باب لا نكاح إلا بولي، رقم (١٨٨٢)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

الصفحة 108