كتاب تفسير العثيمين: فاطر

تَجِدُه إذا أكَلَه يُقْرِقُر بَطْنُه، نقول: لا تَأْكُل هذا، ولوِ اشْتَهَيْتَ الأَكْلَ؛ لأنَّ هذا ضَرَرٌ عليك.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: بَيانُ نِعْمَةِ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على عِبادِهِ بما يَسْتَفيدونَه من هذه البِحارِ من اللُّحومِ؛ لِقَوْله تعالى: {وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا} بدون مَشَقَّة وبدون تَعَبٍ، ومع ذلك فإنَّ لُحُوم السَّمَك من أَحْسَنِ اللُّحومِ، وكذلك نِعْمَةُ الله عَزَّ وَجَلَّ لمِا نَسْتَخْرِجه من هذه البِحارِ من الحِلْيَة التي نَلْبَسُها.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: بَيانُ الفرق بين تَناوُلِ اللُّحومِ من هذه البحارِ وتناوُلِ الحُلِيِّ؛ لأنَّه قال في اللحوم: {تَأْكُلُونَ} ولم يَذْكُرِ العلاجَ الذي نتوصَّلُ به إلى هذا الأكل؛ لأنَّه سَهْلٌ هَيِّنٌ لا يُذْكَر، لكنْ في الحِلْيَة قال: {وَتَسْتَخْرِجُونَ} لأنَّها تَحْتاجُ إلى مَشَقَّة ومُعاناة.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: بَيانُ قُدْرَة الله عَزَّ وَجَلَّ بِحَمْل هذا الفُلْك الثَّقيلِ المَمْلوء بالبَضائِعِ على مَتْنِ الماء، ومع ذلك يَسْتَطيعُ أن يَدْفَعَ الماءَ ويَمْخُرُه؛ لِقَوْله تعالى: {وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ} وإلا فإنَّ الماءَ ثَقيلٌ، وليس بالهَيِّنِ؛ ولهذا عندما يسبح الإِنْسَانُ في الماء يَحْتاجُ إلى قُوَّةٍ حتى يَدْفَعَ الماء، لكنَّ هذه السُّفُن تَمْخُر الماء، ويَظْهَرُ أَثَرُ هذه النِّعْمَةِ إذا تذكَّرَ الإِنْسَانُ السُّفُن القديمةَ التي تجري بالرِّياحِ.
الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: بَيَانُ نِعْمَة الله علينا بِنَيْلِ ما نَطْلُبه من فَضْلِه بواسِطَةِ هذه البواخِرِ؛ لِقَوْله تعالى: {لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ}.
الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: أَنَّه يَنْبَغي للإِنْسَانِ أن يَفْعَلَ الأَسبابَ التي يَتَوَصَّلُ بها إلى المَقْصودِ؛ لِقَوْله تعالى: {لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} أمَّا أن يقول: (أَبْقى في بَيْتي ورِزْقي يَأْتِيني)، ويقول: (إنَّه مُتَوَكِّلٌ على الله)، هل نوافِقُه على قَوْله؟

الصفحة 110