كتاب تفسير العثيمين: فاطر

الجواب: لا، نقول له: لو كُنْتَ مُتَوَكِّلًا على الله لا تكونُ مُتَواكلًا، ففَرْقٌ بين التَّواكُل والتَّوَكُّل، افْعَلِ الأَسبابَ، هذا النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ سَيِّدُ المُتَوَكِّلينَ، ومع ذلك كان يَفْعَلُ الأَسْباب الجاذِبَة للخَيْرِ الدَّافِعَةَ للشَّرِّ.
إذن: ابتغوا فَضْلَ الله، وافْعَلوا السَّبَب؛ فإنَّ السَّماءَ لا تُمْطِرُ ذهبًا ولا فِضَّة، وإنَّما يأتي الرِّزْقُ بِطَلَبِ الإِنْسَانِ، والأَمْرُ أَظْهَرُ من أن يَحْتاج إلى أمثلة، وإلا لمَثَّلْنا بِمِثالٍ من أقْرَبِ ما يكون.
فإن قال قائِلٌ: إذا كان اللهُ قد قَدَّرَ لي ولدًا فَسَيأْتِيني، ولم يَتَزَوَّجْ، نقول: هذا كَلَامُ رَجُلٍ مَجْنونٍ؛ إذ كيف يُمْكِنُ أن يَأْتِيَك الوَلَدُ وأنت لم تَتَزَوَّجْ؟ ! ما علمنا أنَّ الأولادَ تَنْبُتُ من الصلائِبِ أبدًا، ولكن تأتي بفعل أَسْبَابِها كالزَّواجِ مثلًا، وهكذا أيضًا الرِّزْقُ يَحْتاجُ إلى طَلَبِه؛ ولهذا قال: {لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ}.
الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: وُجُوبُ شُكْرِ نِعْمَةِ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ لِقَوْله تعالى: {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} فإنَّ الله جعل هذه النِّعَم وسَخَّرَها تَسْخيرًا لَنا لِنَقُومَ بِشُكْرِه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وقد تَقَدَّم أنَّ الشُّكْرَ مَوْضِعُه اللِّسانُ والقَلْبُ والجَوارِحُ.
* * *

الصفحة 111