كتاب تفسير العثيمين: فاطر

فَسَّرَها المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ بِقَوْله: [يَوْمِ القِيامَة]، وَقَوْله تعالى: {لِأَجَلٍ مُسَمًّى} أي: مُعَيَّنٍ عندَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وهو مَعْلومٌ عنده وليس معلومًا عندنا.
إِذَن: فهذه الشَّمْسُ وهذا القَمَر ليسا أَبَدِيَّينِ، لَكِنَّهما دائبانِ؛ كما قال تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ} [إبراهيم: ٣٣] أي: مُسْتَمِرَّيْنِ، لكن لهما أجَلٌ.
قَوْله تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ}.
{ذَلِكُمُ} هل الإشارَةُ تَعودُ إلى ما ذُكِرَ من التَّسْخير والجَرَيان، أو تعود إلى الفاعِلِ في قَوْله تعالى: {وَسَخَّرَ}؟
الجواب: الثاني، إذن ذلكم المُسَخِّرُ اللهُ، فالمُشارُ إليه الآن مُفْرَدٌ مذكَّر، والمخاطَبُ جَماعَةُ ذُكورٍ، لكن: ماذا يُراعَى في اسْمِ الإِشَارَةِ وكاف الخطابِ؟ هل يُراعَى المخاطَبُ أو المُشارُ إليه؟
نقول: أمَّا اسْمُ الإشارَةِ فيُراعَى فيها المشارُ إليه، وأمَّا الكافُ فيراعى فيها المخاطَبُ، فإذا أَشَرْتَ إلى رَجُلَيْنِ مخُاطِبًا جماعَةَ إناثٍ فإنَّك تقول: (ذانكُنَّ)، فـ (ذان) تخاطِبُ ذَكَرَينِ، و (كُنَّ) تُخاطِبُ جماعَةَ إناثٍ، وفي القُرْآن قالَتْ: {فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ} [يوسف: ٣٢] لكن هنا في الآيَة المشارُ إليه مُفْرَدٌ مُذَكَّرٌ، وإذا خاطَبْتَ جماعَةَ ذُكورٍ مُشيرًا إلى جماعَةِ إناثٍ فإنَّك تقول: (تِلْكُم) أو (أولئكم).
وهلِ الأَفْصَحُ في المخاطَبِ أن يكون الضَّميرُ على حَسَبِ المخاطَبِ؛ يعني: جَماعَة ذُكورٍ إذا كان المُخاطَبُ جَماعَةَ ذُكُور، وجَماعَة إناثٍ إذا كان المخاطَبُ جَماعَةَ إناثٍ، مُثَنًّى إذا كان المخاطَبُ مُثَنًّى، مُفْرَدٌ مفتوح إذا كان المخاطَبُ مُذَكَّرًا، مُفْرَدٌ مَكْسورٌ إذا كان المخاطَبُ مُؤَنثًا، أو الأَفْصَحُ أن يكون بِلَفْظِ الإِفرادِ دائمًا؟

الصفحة 119