كتاب تفسير العثيمين: فاطر

الآية (١٧)
* * *

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ} [فاطر: ١٧].
* * *

قَوْله تعالى: {وَمَا} هنا حجازِيَّة لتمامِ شُرُوط عَمَلِها؛ لأنَّ اسمها (ذا)، وخَبَرها (عزيز)، لكن دَخَل على خَبَرِها الباءُ الزَّائِدَةُ في الإِعْراب وَقَوْله تعالى: {وَمَا ذَلِكَ} أي: إِذْهابُكم والإتيانُ بِخَلْقٍ جديدٍ.
قَوْله تعالى: {عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ}: {عَلَى اللَّهِ} مُتَعَلِّقٌ بـ (عزيز) مُقَدَّم عليه.
وَقَوْله تعالى: {بِعَزِيزٍ} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [شديدٍ] والصَّوابُ عزيزٌ؛ بمَعْنى: مُمْتَنِعٌ؛ لأن (عَزَّ) تأتي بمَعْنى (امتنع) كما سبق، وتأتي بمَعْنى (غَلَبَ) وتأتي بمَعْنى (قَهَرَ)، وغلب وقهر معناهما واحِدٌ، تأتي بمَعْنى العِزَّةِ؛ أي: القَدْر، وهنا {بِعَزِيزٍ} أي: بِمُمْتَنِع، والمُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ قال: [شديدٌ]؛ لأنَّ الشَّديدَ في حَدِّ ذاته مُمْتَنِع؛ لقُوَّتِه وصلابَتِه، إذا لم يكن عزيزًا على الله فهو سَهْل.
فنقول: إن هذه الصِّفَة من الصِّفاتِ السَّلْبِيَّة التي نَصِفُ اللهَ تعالى بها مع إثباتِ كمالِ ضِدِّها، فنقول: {وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ} لكَمالِ سُهُولَتِه عليه، فهو أمرٌ هَيِّنٌ عليه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ أن يُذْهِبَ هؤلاء ويأتِيَ بغيرهم، قال الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [مُحَمَّد: ٣٨].

الصفحة 139