كتاب تفسير العثيمين: فاطر

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أنَّ الغَيْرَ لا يَحْمِلُ وِزْرَ الغَيْر وإن دعاه إلى ذلك؛ لِقَوْله تعالى: {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ} بخلافه في الدُّنْيا، فإنَّه في الدُّنْيا إذا دعاك أَحدٌ أن تُعينَه على ما حَمَلَ أو أن تَحْمِلَه عنه أَجَبْتَه، لكن في الآخِرَة لا، قال تعالى: {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ} وحتى ولو كان أَقْرَبَ النَّاسِ إليك؛ ولهذا قال: {وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى}.
الْفَائِدَةُ السَّادِسةُ: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نذيرٌ؛ لِقَوْله تعالى: {إِنَّمَا تُنْذِرُ}.
الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أنَّه لا يَنْتَفِع بإنذارِهِ إلا من يَخْشى الله عَزَّ وَجَلَّ؛ لِقَوْله تعالى: {إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ}.
الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: أنَّ الخَشْيَة التي هي مَحَلُّ الثَّناءِ هي: ما كانت خشيةً في الغَيْبِ؛ لِقَوْله تعالى: {يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ} لأنَّ الخَشْيَةَ في الظَّاهِر قد يكون الحامِلُ عليها مُراعاةُ عباد الله، لكن إذا كانَتْ بالغَيْبِ فإن هذا دليلٌ واضِحٌ على أنَّ صاحِبَها مُخْلِصٌ في خَشْيَتِه لله عَزَّ وَجَلَّ.
الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: فَضيلَةُ الصَّلاةِ وأنَّها - أي: الصَّلاة - سَببٌ للإنتفاعِ بإنذارِ النَّبِيٍّ - صلى الله عليه وسلم - كالخَشْيَة؛ لِقَوْله تعالى: {وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ}.
الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ: أنَّ الإِنْسَان إذا تزكَّى فإنَّ نَفْعَ تَزَكِّيهِ لِنَفْسِه ولا ينالُ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى من ذلك شَيْئًا؛ لِقَوْله تعالى: {وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ}.
ويتفَرَّع عن هذه الفائِدَة: أنَّ أوامِرَ الله عَزَّ وَجَلَّ ليست من أجل مَصْلَحةٍ ينالهُا بامتثالنا، ولكن من أجْلِ رَحْمَتنا ومَصْلَحَتِنا نحن، قال الله تعالى: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الزمر: ٧].

الصفحة 153