كتاب تفسير العثيمين: فاطر

الآية (٢١)
* * *

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ} [فاطر: ٢١].
* * *

قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [الجنَّة والنَّار] يعني: المُرَاد بالظِّلِّ - عند المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ - الجَنَّة، والمُرَاد بالحَرورِ النَّار، ولكن كما قُلْتُ: الظَّاهِر أنَّ هذا مَثَلٌ لأمرٍ حِسِّيٍّ لا يُمْكِن إنكارُه، لكن يَنْتَقِل منه إلى أمرٍ مَعْنَوِيٍّ.
والظِّلُّ والحرورُ لا يستويان، وأيُّهُما أَحْسَنُ؟
الجواب: الظِّلُّ؛ فالظِّلُّ معْروفٌ، وهو الفَيْءُ الذي تَقَلَّصَت عنه الشَّمس وإن شِئْتَ فقل: الظِّلُّ هو المكان الذي ليس فيه أشِعَّةٌ للشّمْس، وإنَّما نقول ذلك؛ لأنَّ الجَنَّةَ ليس فيها شمْس، قال الله تعالى: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} [الواقِعة: ٣٠] مع أنَّه ليس فيها شَمْس.
وأمَّا (الحرورُ) فهو على وزن (فَعُول) وهو الهواء الحارُّ، وبعْضُهم يقول: إنَّه الهواءُ الحارُّ في النَّهَارِ، والسَّمُوم: الهواءُ الحارُّ في اللَّيْلِ، وبعضهم يقول: كلاهُما بمَعْنًى واحدٍ، فالحَرورُ والسَّمومُ هما الهواء الحارُّ، وهذا مَعْروفٌ، يكون في أيَّامِ الصَّيْفِ، وإذا كان معه شَمْس ازداد شدَّةً الحرارة.
الآن عندنا: الأَعْمى والبصيرُ، والظُّلُمات والنُّور، والظِّلُّ والحَرور، على كَلَام المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ نقول: هذا النَّفْيُ في المواضِعِ الثلاثة: الأَوَّل يعود إلى ذاتِ المُؤْمِنِ

الصفحة 159