كتاب تفسير العثيمين: فاطر

قَوْله تعالى: {مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا} هل المُرَادُ باللَّوْنِ الشَّكْلُ أو الصِّنْف أيضًا؟
الجواب: يَشْمَل؛ فالنَّاسُ مثلًا تَخْتَلِفُ ألَوْانُهم؛ هذا أبيضُ، وهذا أسود، وهذا أَحْمَر، وهذا بين ذلك، واختلافُ اللَّوْنِ ظاهِرٌ، وقد تَخْتَلِف أجْناسُهُم أيضًا؛ هذا ذَكَر وهذه أنثى، هذا عالِم وهذا جاهِل، هذا أَحْمَق وهذا حَليمٌ، وعلى هذا فَقِسْ.
الدَّوابُّ كذلك تَخْتَلِفُ ألَوْانُها بالشَّكْل، وتَخْتَلِفُ أَصنافُها وأَنْواعُها، منها المؤْذي، ومنها الضَّارُّ، ومنها النَّافِع، ومنها ما ليس بضَارٍّ ولا نافِعٍ ولا مُؤْذٍ، فهي أربعة أَصْنافٍ.
مثالُ النَّافِعِ: الأَنْعام، ومثال الضارِّ: الحيَّات والعقارِب والسِّباع وما أشبهها، ومثال المُؤْذي: الصَّراصِير، والخُنْفُساء، والجُعْلان، وما أشبه ذلك، ومثال ما ليس بِمُؤذٍ ولا ضارٍّ: النَّمْل، وغيره أيضًا من الدَّوابِّ الكثيرة التي نراها؛ نرى مثلا طيورًا تَطيرُ في الجوِّ ليست حلالًا مثلًا ولَكِنَّها لا تَضُرُّ.
وَقَوْله تعالى: {كَذَلِكَ} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [كاخْتلافِ الثِّمارِ والجبالِ] فصار الإختلافُ في مَخْلوقاتِ الله تعالى شاملًا للحيوانِ ولمِا يَنْتَفِع به الحيوانُ من الثِّمار وغيرها ولِطَبَقاتِ الأَرْضِ كالجِبالِ.
قَوْله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} لمَّا ذَكَرَ هذه الأصنافَ وفيها ما يدلُّ على كَمالِ الله عَزَّ وَجَلَّ في صِفاتِهِ التي تَتَضَمَّنها هذه الأَصْنافُ المَذْكورَة بيَّن أنَّ العالِمَ بذلك هو الذي يَخْشى الله، فقال: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} يعني: لا يخشى الله إلا العُلَماءُ.
والخَشْيَةُ هي أعلى الخَوْف، أو إن شِئْتَ فقل: هي الخَوْف المَبْنِيُّ على العِلْم،

الصفحة 199