كتاب تفسير العثيمين: فاطر

تَحْصُل من أَحَدهِما دون الآخر يَحْصُل فيها التَّبايُنُ.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: فَضيلَة خَشْيَة الله عَزَّ وَجَلَّ؛ حيث لا يتَّصِف بها إلا العُلَماء.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: فَضيلَةُ العِلْم لِكَوْنِه سببًا في خَشْيَة الله عَزَّ وَجَلَّ، والخَشْيَة صفةٌ لها آثارٌ حميدَةٌ؛ لأنَّ الإِنْسَان إذا خَشِيَ ربَّه فإنَّه يتجَنَّب معاصِيَه ويفعل أوامِرَه خَوْفًا منه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
ولهذا لما ذَكَر الله عَزَّ وَجَلَّ ثوابَ الذين آمنوا وعملوا الصَّالحِاتِ في قَوْله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (٧) جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [البَيِّنَة: ٧ - ٨] قال: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} وهو دليلٌ على أنَّ الخَشْيَة تُوجِبُ الإيمانَ والعَمَلَ الصَّالِح.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: إِثْباتُ اسْمَينِ من أَسْماء الله وهما (العزيز) و (الغفور)، وإثباتُ ما تَضَمَّناه من الصِّفَة، وهي العِزَّة والمَغْفِرَة، وإثباتُ ما تَضَمَّناه من الحُكْم وهو الأَثَر؛ أمَّا الغفورٌ فنَعَمْ، لها أَثَرٌ وحُكْمٌ؛ كما قال تعالى آخر سورة (البقرة): {فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: ٢٨٤].
وهل العزيز لها حُكْمٌ؟
الجواب: قلنا: إنَّ من معانيها الغَلَبَةَ، وإذا كانت (عَزَّ) بمَعْنى غَلَبَ صارت مُتَعَدِّيَة فيكون لها حُكْم؛ أي: (أثر).
إذن: إثباتُ ما تضَمَّنَه الإسْمانِ من الصِّفَة والحُكْم الذي نُعَبِّر عنه أحيانًا بالأَثَر، وقد تقدَّم أنَّ أَسْماء الله عَزَّ وَجَلَّ إمَّا لازِمَة وإمَّا مُتَعَدِّيَة، فاللَّازِمَة يَثْبُتُ منها الإسْمُ والصِّفَةُ، والمُتَعَدِّيَة يَثْبُتُ منها الإسْمُ والصِّفَةُ والأَثَر.

الصفحة 203