كتاب تفسير العثيمين: فاطر

الآية (٣٠)
* * *

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر: ٣٠].
* * *

قَوْله تعالى: {لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ} أي: يُعْطيهم أُجورَهم وافِيَةً كامِلَةً، وضميرُ الفاعل يعود على (الله)؛ لِقَوْله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ} [فاطر: ٢٩]، وَقَوْله تعالى: {لِيُوَفِّيَهُمْ} هذه اللَّامُ للعاقِبَة، وقيل: للتَّعْليل.
فعلى القَوْلِ بأنَّها للعاقِبَة تكون مُتَعَلِّقَةً بـ {يَرْجُونَ} فـ {يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ} عاقِبَتُهم أن يُوَفِّيَهُم الله أجورَهم.
وعلى أنَّها للتَّعْليلِ مُتَعَلِّقَةٌ بـ {يَتْلُونَ} و {وَأَقَامُوا} و {وَأَنْفَقُوا} يعني: يَتْلُونَها لِيُوَفِّيهُم أُجورَهم، أقاموا الصَّلاة لِيُوَفِّيهم أجورهم، أنفقوا مِمَّا رزقناهم لِيُوَفِّيَهم أجورهم؛ يعني: قصدوا ما رَتَّبَ الله على هذه الأعمال من الأُجُورِ.
وهذا الفِعْل ينصبُ مَفْعولينِ: أَحَدهما هنا: الهاءُ، والثاني: (أُجور)، وهو من أخوات (كسا)، و (أعطى)؛ لأنَّه نَصَبَ ما لا يَصِحُّ أن يكون مُبْتَدَأً وخبرًا، وكُلُّ فعلٍ ينصب مفعولين لا يَصِحُّ أن يكون أَحَدهما خَبَرًا عن الآخر فهو من باب (كسا).
قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ} أي: ثَوابَ أَعْمالهِم المذكورة] وهذه التَّوْفِيَة هذه مَعْروفَةٌ لنا جميعًا، وهي أنَّ الحَسَنَة بِعَشْرِ أَمْثالهِا إلى سبع مِئَة ضعف

الصفحة 212