كتاب تفسير العثيمين: فاطر

إلى أضعافٍ كثيرة؛ فمثلًا الصَّلاة حَسَنَةٌ بِعَشْرِ أَمْثالهِا إلى سبع مِئَة ضِعْفٍ إلى أضعافٍ كثيرة، ومع الجماعة تكون سبعًا وعِشرينَ حَسَنة، كُلُّ حَسَنةٍ بِعَشْرِ أَمثالهِا.
قَوْله تعالى: {وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} معطوفة على {يُوَفِّيَهُمْ}؛ يعني: يزيدهم عطاءً وأَجْرًا من فضله، وهذا مثل قَوْله تعالى: {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} [البقرة: ٢٦١].
وَقَوْله تعالى: {وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} يَشْمَل الفَضْل في الدُّنْيا والآخِرَة؛ أمَّا في الدُّنْيا فإنَّ الإِنْسَان إذا عمل العَمَل الصَّالِح مُخْلِصًا لله به حَبَّبَ الله إليه العَمَل حتى يزيد في العَمَلِ، وهذا شَيْء مُشاهَد، كذلك إذا أعطى وأنفق زاده الله من فَضْلِه، قال الله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} [سبأ: ٣٩]؛ أي: يأتي بخَلَفِه.
فالزِّيادَة إذَنْ: تشمل زيادَةَ الأُجورِ، وزيادةَ الأَعْمالِ، وزيادَةَ المالِ المنفَقِ منه؛ فزيادة الأعمال؛ لأنَّه الإِنْسَانَ كلَّما عَمِلَ صَالحًا حَبَّب الله إليه العَمَل وزاده فيه، وزيادَة المالِ، كما قال تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: ٣٩]، وَقَوْله تعالى: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} [الروم: ٣٩].
وَقَوْله تعالى: {وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} أي: عطائِهِ الذي يَتَفَضَّلُ به عليهم.
قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{إِنَّهُ غَفُورٌ} لذُنُوبِهم {شَكُورٌ} لطاعَتِهِم].
هذا تعليل لما سبق من تَوْفِيَة الأجور والزِّيادَة من الفَضْل؛ يعني أنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ لِكَوْنه غفورًا رحيمًا صار يُوَفِّيهم أجورَهُم ويزيدُهُم من فضله، وفي هذا: إشارَةٌ إلى مَغْفِرَة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى للعامِلِ وإلى شُكْرِه إياه.

الصفحة 213