كتاب تفسير العثيمين: فاطر

(الآية: ٣١)
* * *

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ} [فاطر: ٣١].
* * *

جُمْلَة: {وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ} جاءت بالصِّيغَة الإسْمِيَّة المحصورة، وطريقُ حَصْرِها أمران:
الأَمْر الأول: تَعْريفُ رُكْنَيْها وهما المُبْتَدَأ والخبر، فـ {وَالَّذِي} مُبْتَدَأ، و {الْحَقُّ} خبر، وقد قال أَهْلُ البَلاغَة: إنَّ تَعْريفَ الرُّكْنَيْنِ من الجُمْلَة الإسمِيَّة يفيد الحَصْر.
الأَمْر الثاني: من طُرُق الحَصْر هو ضَميرُ الفَصْل وهو قَوْله تعالى: {هُوَ الْحَقُّ} وضمير الفصل مِن فَوائِدِه: الحَصْر، وله فائِدَة ثانية: التَّوْكيد، وله فائِدَة ثالِثَة: الفَصْلُ بين الخبر والصِّفَة.
قَوْله تعالى: {وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ} الوَحْيُ: إِعْلامُ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أنبياءَه ورُسُلَه بشريعةٍ من شرائعه، هذا هو الوَحْيُ شرعًا، أمَّا في اللُّغَة فقالوا: إنَّ الوَحْيَ هو الإِعْلام بسُرْعةٍ وخفاءٍ؛ يعني: مثل الإِشَارَة، والهَمْس، وما أشبههما، تُسَمَّى وحيًا.
أما السُّنَّة فإنَّها نوعان: منها وحيٌ، ومنها ما ليس بِوَحيٍ، أحيانًا يُسْأَل النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عن شَيْء ولا يُجيبُ، فيَنْزِل عليه الوحي فيجيب بحديثٍ نَبَوِيٍّ؛ مثل

الصفحة 217