كتاب تفسير العثيمين: فاطر

الآية (٤٠)
* * *

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَتٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا} [فاطر: ٤٠].
* * *

ثم قال رَحِمَهُ اللهُ: [{قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ} تَعْبدونَ {مِنْ دُونِ اللَّهِ} أي: غَيْره، وهم الأَصْنَامُ الذين زَعَمْتُم أنَّهُم شُرَكاءُ لله].
قَوْله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ} يعني أخْبرونِي و {شُرَكَاءَكُمُ} مَفْعولٌ أَوَّلُ، يعني (أَرَأَيْتَ) تَنْصِبُ ثلاثَةَ مفاعيلَ، مفعولٌ أَوَّلُ صريحٌ مَنْطوقٌ به والمَفْعولُ الثَّاني والثَّالِثُ مُعَلَّقٌ بهَمْزَة الإسْتِفْهام، فهنا {أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ} لكنْ هنا قال: {أَرُونِي} من باب التَّحَدِّي؛ أَخْبِروني عن شُرَكائِكُم، وَقَوْله تعالى: {شُرَكَاءَكُمُ} يعني الذين جَعَلْتُموهُم شُرَكاءَ, فالإضافَةُ هنا باعتبارِ جَعْلِهِم؛ أي: جَعْلِ العابدين لها شريكةً مع الله.
وَقَوْله تعالى: {الَّذِينَ تَدْعُونَ} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [تَعْبدونَ] فحَوَّلَ الدُّعَاءَ إلى مَعْنى العِبَادَة، ولا شَكَّ أنَّ الدُّعَاءَ يأتي بمَعْنى العِبَادَة؛ كقَوْله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} [غافر: ٦٠] ولم يَقُلْ عن دعائي، فهذا دليلٌ على أنَّ الدُّعَاء بمَعْنى العِبَادَة.

الصفحة 278