كتاب تفسير العثيمين: فاطر

لكن يُحْتَمَل أن يكون لَهُم فيها مُشارَكَةٌ، فالذي لهم مُتناوَلٌ فيه قيل: ماذا خلقوا؛ لجواز أن يقول قائِلٌ: لهم شِرْكٌ في الأَرْض، فهذا مثلًا له فسحة يأتي النَّاسُ إليه وهي حريمُ قَبْرِه مثلًا؛ فنقول هل خَلَقُوا هذا؟ فإذا ادَّعَيْتُم أنَّ هذه الأَرْضَ مَثَلًا له وأنَّها أُوقِفَتْ على هذا القَبْرِ لِزائريهِ أو ما أشبه ذلك، فهل خلقوها؟ !
لكن في السَّمَواتِ ما قال: ماذا خلقوا في السَّمَواتِ، بل قال: {أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ} لا على سبيل الخَلْقِ ولا على سبيل التَّمَلُّك، أم لهم شركٌ؛ شَرِكَةٌ مع الله في خَلْقِ السَّمَوات.
وَقَوْل المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [في خَلْقِ السَّمَوات] فيه نَظَرٌ، بل الصَّواب أن نقول: في السَّمَواتِ سواءٌ كان ذلك عن طريق التَّمَلُّك أو عن طريق الخَلْقِ.
والجواب: لا، لا هذا ولا هذا.
وَقَوْله تعالى: {أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَتٍ مِنْهُ}؟
قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [بأنَّ لَهُم معي شَرِكَةً]، يعني: أو عندهم، إذا قُلْتُم لم يَخْلُقوا شيئًا من الأَرْض وليس لهم شَرِكَةٌ في السَّمَوات، فنقول: وهل عندهم كِتَابٌ وَهُمْ على بَيِّنَةٍ؛ حُجَّة بأنَّهم شُركاءُ مع الله؟
والجواب: لا؛ فكُلُّ هذه التَّقْسيماتِ كُلِّها مُنْتَفِيَة بالنِّسْبَةِ للأَصْنَامِ، فلم يَخْلُقوا شيئًا من الأَرْض، وليس لهم شَرِكَةٌ في السَّمَوات، وليس معهم بَيِّنَة من الله؛ كِتَابٌ بأنَّهم شُرَكاءُ مع الله، وإذا انْتَفَتْ هذه الأُمُورُ الثَّلاثَة، لا خَلْق ولا مُشارَكَة ولا وثيقَة؛ تَبَيَّنُ بُطْلانُها.
قال رَحِمَهُ اللَّهُ: [{بَلْ إِنْ} (ما)] يعني أنَّ (إن) نافية هنا بمَعْنى (ما).

الصفحة 281