كتاب تفسير العثيمين: فاطر

مِثْلَ السَّمَواتِ في الحَجْمِ ولا مِثْلَها في الصِّفَة، وإذا امتنع أن تكون مُماثِلَة للسَّماء في الحجم وفي الصِّفَة تعيَّنَ أن تكون مُماثِلَة للسَّماء في العدد.
والسُّنَّة جاءتْ باللَّفْظِ الصَّريحِ مِنْ أنَّ الأَرَضينَ سَبْعٌ؛ كما في قَوْلِه - صلى الله عليه وسلم -: "مَنِ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ ظُلْمًا طُوِّقَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ" (¬١).
وَقَوْله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [لام قسم] اللَّامُ لامُ القَسَمِ و (إن) شَرْطِيَّةٌ و {زَالَتَا} الفِعْلُ هنا فِعْلُ الشَّرْطِ، و {إِنْ أَمْسَكَهُمَا} الجُمْلَةُ جوابُ الشَّرْطِ و {إِنْ} هنا يقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [ما] أي تكونُ نافِيَةً {أَمْسَكَهُمَا} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [يُمْسِكهُما] إِشَارَةً إلى أن {أَمْسَكَهُمَا} فعل ماضٍ لَكِنَّه بمَعْنى المضارِعِ، لأنَّه وقع جوابًا للشَّرْطِ، ومعلومٌ أنَّ جواب الشَّرْط يكونُ للمُسْتَقْبَلِ ولا يكون للماضي؛ لأنَّه لا يكون إلا بعد تحَقُّقِ الشَّرْطِ، وتحَقُّقُ الشَّرْطِ أمرٌ مُسْتَقْبَل.
وَقَوْله تعالى: {مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ}: (من) هذه زائِدَةٌ زائِدَة؛ زائِدَةٌ في الإِعْرابِ ولَكِنَّها تزيدُ في المَعْنى.
و(زائِدَةٌ) اسْمُ فاعِلٍ من زاد يزيدُ، ونحن نعرف أنَّ زاد يأتي مُتَعَدِّيًا ويأتي لازمًا، فإذا قلت: زاد الشَّيْءُ؛ يعني: ارْتَفَعَ وكَثُرَ، وما أشبه ذلك، فهي لازمة، وإذا قلت زِدْتُه خَيْرًا صارت مُتَعَدِّيَة؛ لهذا نقول: هي زائِدَةٌ زائِدَة؛ ولهذا يقول بعضُ النَّاسِ - إذا رأى هذا الكَلَام -: هذا تناقُضٌ كيف يكون الشَّيْءُ (زائدًا زائدًا)؟ !
---------------
(¬١) أخرجه البخاري: كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في سبع أرضين، رقم (٣١٩٨)، ومسلم: كتاب المساقاة، باب تحريم الظلم وغصب الأرض وغيرها، رقم (١٦١٠)، من حديث سعيد بن زيد - رضي الله عنه -.

الصفحة 287