كتاب تفسير العثيمين: فاطر

ونقول: (مِنْ) زائِدَة إِعْرابًا زائِدَةٌ مَعْنى؛ فتزيد في المَعْنى وهو تأكيدُ النَّفْي.
وَقَوْله تعالى: {أَحَدٍ} فاعِلُ أَمْسَكَ مَرْفوعٌ بضَمَّة مُقَدَّرَةٍ على آخره منع من ظهورِهَا اشْتِغالُ المَحَلِّ بحَرَكَةِ حَرْفِ الجَرِّ الزَّائِدِ.
والمَعْنى: لَئِنْ قُدِّرَ أن تزولَ السَّمَواتُ والأَرْضُ فإنَّه لا أَحَد يَسْتَطِيعُ أن يُمْسِكَهُما سوى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وهو كذلك؛ وهذا هو الواقِع، بل لو زال ما دون السَّمَواتِ والأَرْضِ من النجومِ والكواكبِ والشَّمْسِ والقَمَرِ ما استطاع أَحَدٌ أن يُمْسِكَه سوى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، بل لا يَسْتَطِيع أَحَدٌ أن يَصْرِفَ شيئًا من هذه الكواكِبِ أو النُّجُومِ أو الشَّمْسِ أو القَمَرِ؛ أن يصرفه عن جِهَةِ سَيْرِه إلا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، ولا أن يَمْنَعَه مِن سَيْرِه إلا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ.
قال في الإِعْراب هنا: قلنا إن اللام في (لَئِنْ) لامُ القَسَمِ و (إن) شَرْطِيَّة و (إن أَمْسَكَهُما) جوابُ القسم؛ لأنَّ لدينا قاعِدَةً: إذا اجتمع الشَّرْطُ والقَسَمُ حُذِفَ جوابُ المُتَأَخِّرِ منهما، قال ابن مالك رَحِمَهُ اللَّهُ مُقَرِّرًا هذه القاعِدَة:
وَاحْذِفْ لَدَى اجْتِمَاعِ شَرْطٍ وَقَسَمْ ... جَوَابَ مَا أَخَّرْتَ فَهْوُ مُلْتَزَمْ (¬١)
إذن: فالمُؤَخَّر هنا الشَّرْطُ، فيكون جوابه هو المَحْذُوفَ؛ دَلَّ عليه جوابُ القَسَمِ.
يقول رَحِمَهُ اللَّهُ: [{إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} أي في تأخير عقابِ الكُفَّار].
قَوْله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا} هذه الجُمْلَة مناسَبَتُها لما قبلها أنَّها تعليلٌ لما قبلها، فارتباطُها به ارتباطُ العِلَّة بالمَعْلولِ؛ يعني أنَّه في إمساكِهِ للسَّموات والأَرْض كان
---------------
(¬١) الألفية (ص ٥٩).

الصفحة 288