كتاب تفسير العثيمين: فاطر

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: وُجُوبُ البُعْدِ عمَّا يَأْمُرُ به الشَّيْطانُ؛ لِقَوْله تعالى: {فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا}.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: ذِكْرُ الأَوْصافِ المَذْمومَةِ إذا كان المَقْصودُ بها نُصْحَ المُخاطَبِ؛ لِقَوْله تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ} فلو رَأَيْتَ شَخْصًا مُغْتَرًّا بآخَرَ، يَحْسَبُه صَديقَه، وهذا الشَّخْصُ الذي اغْتَرَّ به صاحِبُه عَدُوٌّ له، نعلم أنَّه يريدُ أن يُوقِعَ به كلَّ سُوءٍ، فإنَّه يَجِبُ علينا أن نَنْصَحَهُ عنه، ونَذْكُر معايبَ هذا الشَّخْص حتى لا يَغْتَرَّ به، فنقول: إنَّكَ تُصاحِبُ فلانًا وهو عَدُوٌّ لك، حتى وإن كانت عَداوَتُهُ لِكَوْنِه يَهْديه إلى صِراطِ الجحيمِ.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: بَيانُ رَحْمَةِ الله تعالى بعبادِهِ، لأنَّ العِلْمَ بِعَداوَةِ الشَّيْطانِ غَيْرُ مُدرَكٍ لنا ولَكِنَّ الله تعالى هو الذي أَخْبَرَنا به، ثم حثَّنا بل أَمَرَنا بِمُخالَفَتِه؛ لِقَوْله تعالى: {فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا}.
مَسْأَلَة: لكِنْ هل هذه الآيَةُ فيها دليلٌ على أنَّ مِن النَّاسِ من يَدْخُلُ النَّار ولا يُخَلَّدُ فيها فلا يكون من أصحابِها؟
نقول: يُمْكِنُ، فإنَّ الشَّيْطانَ يُريدُ من النَّاس أن يَبْلُغوا الذِّرْوَة في المُخالَفَة، وإذا بَلَغوا الذِّرْوَة في المُخالَفَة وكَفَروا حينئذٍ يكونون من أصحابِ النَّارِ الذين يُخَلَّدون فيها، أمَّا المَعاصي التي دون ذلك فإنَّ أصحابَها وإن دخلوا النَّار - كما دَلَّتْ عليه النُّصُوص - فلا يكونون من أصحابِها.
* * *

الصفحة 55