كتاب تفسير العثيمين: فاطر

الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ؛ أنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ لا يَرْفَعُ من الأعمال إلا ما كان صَالِحًا؛ لِقَوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} والعَمَل الصَّالِح ما اشْتَمَلَ على وصفين: الإِخْلاص لله، والمُتابَعَة لِشَرْعِه، فإن فُقِدَ الإِخْلاص فليس بعَمَلٍ صَالِحٍ؛ لأنَّه شِرْك، وإن فُقِدَت المُتابَعَة فليس بعملٍ صَالِح؛ لأنَّه بِدْعَة.
الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: أنَّ الأَعْمالَ السَّيِّئَةَ مَكْرٌ؛ لِقَوْله تعالى: {وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ} هذا إذا أَخَذْناها على سبيل العُمومِ، أمَّا إذا قلنا: إنَّ السَّيِّئاتِ عامٌّ أريدَ به الخاصُّ فالمَكْرُ الذي حصل من أَذِيَّة قُرَيْشٍ للرَّسولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فإنَّه يكون خاصًّا، لكِنَّ الأَصْلَ في الكَلَام أن يكون مُرادًا به العُمُومُ وأن يكون باقيًا على عُمُومه حتى يَرِدَ دليلٌ على أنَّه أريد به الخُصُوص أو على أنَّه مُخصَّص.
الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ: الوَعيدُ الشَّديدُ على هؤلاء الذين يَمْكُرون السَّيِّئاتِ؛ لِقَوْله تعالى: {لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ}.
الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: أنَّ مَكْرَ هَؤلاءِ هالِكٌ زائِلٌ لا فائِدَة فيه؛ لِقَوْله تعالى: {وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ} حتى أَعْمالهُم لا تَنْفَعُهم، قال الله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: ٢٣].
هذه هي الفوائِدُ الظَّاهِرَة من هذه الآيَةِ الكَريمَة، وربَّما عند التأمُّلِ يَجِدُ الإِنْسَان أَكْثَرَ؛ لأنَّ كَلَامَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لا يُحاطُ به، ولكِنَّ النَّاسَ يَخْتَلِفونَ في الفَهْمِ.
* * *

الصفحة 93