كتاب تفسير العثيمين: الشعراء

والمُفَسِّر حَمَلَه على ظاهرِهِ؛ على أنه الإسْتِفهام الإستخباريّ، ولهذا قالَ: [فيُقال لهم: لا] يَعْنِي: لن تُنظَروا، ولكن إذا جَعلناه للتمنِّي - أنَّهم يَتَمَنَّوْنَ أن يُنْظَروا - لَمَا احتاج إلى جَوابٍ.
قال الله تعالى: {أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ} الهمزةُ في مثلِ هذا التركيبِ إمّا أنّها داخلةٌ على جملةٍ مقدَّرة بحسَبِ السِّياق، أو أنّها داخلةٌ على الجُملة الموْجودة.
وقوله تعالى: {أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ} هذا من باب التَّوبيخ والإنكار عليهم، يَعْنِي: أَيَسْتَعْجِلُون بعذابِ اللهِ وهو سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قريبُ الأخذِ، فهو يُنْكِر عليهم هؤُلاءِ الَّذينَ يَستعجلون بعذابِ الله.
وكيفيَّة استعجالهم بالعذابِ، هل هو بالفعلِ أم بالقولِ؟
نقول: بالقولِ وبالفعلِ، أمّا القول فإِنَّهم يقولون: {مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [يونس: ٤٨]، وأمَّا الفِعل فإنّ إيغالَهم بالكفرِ والمعاصي مُوجِبٌ بأنْ يُعاجَلوا بالعُقُوبة، فصار هذا الإنكارُ عليهم، سواء كَانوا يَستعجلون قولًا - كما قال المُفَسِّر، قالُوا: متى هذا العذاب؟ - أو كَانوا يَستعجلون فعلًا، بأنْ يُوغِلوا ويَتَعَمَّقُوا في الكُفر والمعاصي؛ فإن ذلك منِ استعجالِ عُقوبةِ اللهِ.
* * *

الصفحة 292