كتاب تهذيب الآثار مسند ابن عباس

وَأَمَا قَوْلُهُ: «وَلَا تُعْضَدُ شَجْرَاؤُهَا» ، فَإِنَّ «الشَّجْرَاءَ» فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، الْأَرْضُ الْكَثِيرَةُ الشَّجَرِ، كَالْغِيضَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا. أَخْرَجَ الْكَلَامُ عَلَى الْأَرْضِ ذَاتِ الشَّجَرِ، وَالْمُرَادُ مَا فِيهَا مِنَ الشَّجَرِ. وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ «الشَّجْرَاءَ» مَا قُلْتُ، قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ حُجْرٍ:
[البحر الرمل]
وَتَرَى الشَّجْرَاءَ مِنْ رِيقِهَا ... كَرُءُوسٍ قُطِّعَتْ فِيهَا خُمُرْ
يَعْنِي بِالشَّجْرَاءِ، الْأَرْضَ ذَاتَ الشَّجَرِ. وَقَدْ يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ: «وَلَا تُعْضَدُ شَجْرَاؤُهَا» ، أَنْ يَكُونَ أُرِيدَ بِهِ: وَلَا يُقْطَعُ مَا فِيهَا مِنَ الشَّجَرِ، وَذَلِكَ عَضْدٌ وَإِصَابَةٌ بِالْإِفْسَادِ، لِأَنَّ قَطْعَ مَا فِيهَا مِنَ الشَّجَرِ إِفْسَادٌ لَهَا، فَنُهِيَ الْمُسْلِمُونَ عَنْ فَعْلِ ذَلِكَ بِهَا وَأَمَّا قَوْلُهُ: «وَلَا يُعْضَدُ عِضَاهُهَا» ، فَإِنَّ الْعِضَاهَ عِنْدَ الْعَرَبِ: كُلُّ شَجَرَةٍ ذَاتِ شَوْكٍ، إِلَّا الْقَتَادَ وَالسِّدْرَ، وَإِيَّاهَا عَنَى الْأَخْطَلُ بِقَوْلِهِ:
[البحر الكامل]
وَلَقَدْ عَلِمْتِ إِذَا الْعِشَاءُ تَرَوَّحَتْ ... هَدَجَ الرِّئَالِ تَكُبُّهُنَّ شِمَالَا

الصفحة 46