كتاب تهذيب الآثار مسند ابن عباس

وَالْقَيْنُ لَا يَصْلُحُ إِلَّا مَا جَلَسْ ... بِالْكَلْبَتَيْنِ وَالْعَلَاةِ وَالْقَبَسْ
وأَمَا قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَعْتَى النَّاسِ عَلَى اللَّهِ مَنْ قَتَلَ غَيْرَ قَاتِلِهِ، وَمَنْ قَتَلَ بِذَحْلِ الْجَاهِلِيَّةِ» ، فَإِنَّهُ يَعْنِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: «بِذَحْلِ الْجَاهِلِيَّةِ» : بِوَغْمٍ كَانَ بَيْنَ الْقَاتِلِ وَالْمَقْتُولِ، وَأَصْلُ «الذَّحْلِ» : إَسَاءَةُ الرَّجُلِ إِلَى آخَرَ فِي الْأَمْرِ، فَيُؤْخَذُ بِهَا الْمُسِيءُ، يُقَالُ لِلْمُسَاءِ إِلَيْهِ: «لَهُ عِنْدَ فُلَانٍ تَبْلٌ، وَذَحْلٌ، وَوَغْمٌ، وَطَائِلَةٌ، وَوِتْرٌ، وَتِرَةٌ، وَدِعْثٌ» وَذَلِكَ كُلُّهُ إِذَا كَانَتْ لَهُ قِبَلَهُ طَلِبَةٌ بِإِسَاءَتِهِ إِلَيْهِ، وَأَمَا إِذَا كَانَ الَّذِي لَهُ قِبَلَهُ طَلِبَةٌ بِدَمٍ، فَإِنَّهُ يُقَالُ: «لَهُ قِبَلَهُ ثَأْرٌ، وَثُؤْرَةٌ» ، «وَالثُّؤْرَةُ» : الْمَصْدَرُ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الطويل]
قَتَلْتُ بِهِ ثَأْرِي، وَأَدْرَكْتُ ثُؤْرَتِي ... وَكُنْتُ إِلَى الْأَوْثَانِ أَوَّلُ رَاجِعِ
وَأَمَّا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خُطْبَتِهِ: «وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ، بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ الْعَقْلَ أَوْ يَقْتُلَ» ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِأَخْذِ الْعَقْلِ، أَخْذَ الدِّيَةِ، يُقَالُ مِنْهُ: «عَقَلَ عَنْ فُلَانٍ عَشِيرَتُهُ» ، إِذَا أَعْطَوْا عَنْهُ دِيَةَ قَتِيلِهِ، وَعَقَلَ فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ: إِذَا غَرِمَ عَنْهُ دِيَةَ جِنَايَتِهِ. وَيُقَالَ: «بَنُو فُلَانٍ عَلَى مَعَاقِلِهِمْ» ، يَعْنِي بِذَلِكَ عَلَى دِيَاتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَوَاحِدَةُ الْمَعَاقِلِ مَعْقَلَةٌ وَيُقَالُ: «صَارَ دَمُ فُلَانٍ مَعْقَلَةٌ عَلَى قَوْمِهِ» ، أَيْ صَارُوا يَدُونَهُ فِي الْقَتْلِ، فَصَارُوا غُرَمَاءً وَيُقَالُ لِلْقَوْمِ الَّذِينَ تُقْسَمُ عَلَيْهِمُ الدِّيَةُ لِيُؤَدُّوهَا مِنْ

الصفحة 48