كتاب تهذيب الآثار مسند ابن عباس

وَأَمَّا قَوْلُ مُجَاهِدٍ: «أَرَى أَنْ يُؤْخَذَ بِرُمَّتِهِ، ثُمَّ يُخْرَجُ مِنَ الْحَرَمِ» ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ: «بِرُمَّتِهِ» بِالْقِطْعَةِ مِنَ الْحَبْلِ الَّذِي هُوَ بِهِ مُوثَقٌ، وَمِنْ ذَلِكَ سُمِّي غَيْلَانُ بْنُ عُقْبَةَ: ذَا الرُّمَّةِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ فِيمَا ذُكِرَ كَانَ خُشِيَ عَلَيْهِ وَهُوَ صَبِيٌّ الْمَسُّ، فَأُتِيَ بِهِ بَعْضُ الْحَيِّ، فَكَتَبَ لَهُ مُعَاذَةً فَعُلِّقَتْ فِي عُنُقِهِ أَوْ عَضُدِهِ، وَشُدَّتْ بِخَيْطٍ. وَقِيلَ: بَلْ سُمَيَّ بِذَلِكَ لَبَيْتٍ قَالَهُ فِي أُرْجُوزَةٍ لَهُ يَصِفُ وَتَدًا:
[البحر الرجز]
أَشْعَثَ بَاقِي رُمَّةِ التَّقْلِيدِ ... نَعَمْ فَأَنْتَ الْيَوْمَ كَالْمَعْمُودِ
وَالرُّمَّةُ: هِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ الْحَبْلِ، وَأَمَّا «الرِّمَّةُ» ، بِكَسْرِ الرَّاءِ: فَإِنَّهُ الشَّيْءُ الْخَلَقُ الْبَالِي، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْعَظْمِ الْبَالِي: «رِمَّةٌ» ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ: قَالَ: {مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس: 78] ، يُجْمَعُ «رِمَامًا، وَأَرْمَامًا» ، كَمَا قَالَ: خِدَاشُ بْنُ بِشْرٍ الْبَعِيثُ:
[البحر الكامل]
فَلَقَدْ أَنَى لَكَ أَنْ تُودِّعَ خُلَّةً ... رَثَّتْ، وَعَادَ حِبَالُهَا أَرْمَامَا

الصفحة 53