كتاب فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط 4 (اسم الجزء: 1)

١٩ - وَعَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ -رضي الله عنه-، قَالَ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللهِ، إنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ، أَفَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ؟ قَالَ: «لَا تَأْكُلُوا فِيهَا؛ إلَّا أَنْ لَا تَجِدُوا غَيْرَهَا فَاغْسِلُوهَا وَكُلُوا فِيهَا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (¬١)

٢٠ - وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابَهُ تَوَضَّئُوا مِنْ مَزَادَةِ (¬٢) امْرَأَةٍ مُشْرِكَةٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (¬٣)، فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ.

المسائل والأحكام المستفادة من الحديثين

مسألة [١]: حكم آنية الكفار.
قال الإمام النووي -رحمه الله- في «شرح المهذب»: يكره استعمال أواني الكفار، سواء فيه أهل الكتاب، وغيرهم، والمتدين باستعمال النجاسة، وغيره، ودليله حديث أبي ثعلبة الخشني -رضي الله عنه-، قال أصحابنا: وأوانيهم المستعملة في الماء أخف كراهة؛ فإن تيقن طهارة أوانيهم؛ فلا كراهة حينئذٍ في استعمالها.
ثم قال: وهذا الذي ذكرناه من الحكم بطهارة أواني الكفار هو مذهبنا، ومذهب الجمهور من السلف، وحكى أصحابنا عن أحمد، وإسحاق نجاسة ذلك؛
---------------
(¬١) أخرجه البخاري برقم (٥٤٧٨)، ومسلم برقم (١٩٣٠).
(¬٢) قال في «النهاية»: هو الظرف الذي يحمل فيه الماء، كالراوية، والقربة، والسطيحة، والجمع: مزاود، والميم زائدة.
(¬٣) أخرجه البخاري برقم (٣٤٤)، ومسلم برقم (٦٨١). وليس في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وأصحابه توضؤوا من المزادة، ولكن فيه أنهم شربوا منها، واغتسل أحدهم من الجنابة منها. وبهذا يحصل المقصود من الاستدلال بالحديث على طهارة آنية المشركين.

الصفحة 129