كتاب فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط 4 (اسم الجزء: 1)
واستدلوا بحديث ابن عمر، وأبي هريرة في قصة عمر مع عثمان حين دخل عثمان يوم الجمعة، وعمر يخطب، فأنكر عليه عمر تأخره، فقال عثمان: يا أمير المؤمنين، ما زدت على أن توضأت، بعد أن سمعت النداء، ثم أقبلت. فقال عمر: والوضوء أيضًا، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يأمر بالغسل. وفي رواية أبي هريرة: وقد علمت أن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «من جاء منكم الجمعة، فليغتسل».
وحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- في «الصحيحين» (¬١)، وحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- في «مسلم» (¬٢)، واستدلوا على الاستحباب بحديث عائشة في «صحيح مسلم» (٨٤٧)، قالت: كان الناس ينتابون الجمعة من العوالي، ويصيبهم الغبار، فتخرج منهم الريح، فأتى رسولَ الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إنسان منهم، وهو عندي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا»، وفي رواية: «لو اغتسلتم يوم الجمعة»، قالوا: فإذا زالت العلة، زال الوجوب.
ورجح القول بالاستحباب الإمام ابن باز -رحمه الله- كما في «فتاواه» (١٠/ ١٧١ - ١٧٣).
والراجح -والله أعلم- هو القول بالوجوب.
وأما الردُّ على أدلة الجمهور، فكما يلي:
أما حديث سمرة؛ فالرَّاجح ضعفه، وأما حديث أبي هريرة في «مسلم»: «من توضأ يوم الجمعة ... »، فقد قال الحافظ -رحمه الله- في «الفتح»: يحتمل أن يكون ذكر الوضوء لمن تقدم غسله على الذهاب، فاحتاج إلى إعادة الوضوء. اهـ
---------------
(¬١) أخرجه البخاري برقم (٨٧٨)، ومسلم برقم (٨٤٤) (٣).
(¬٢) أخرجه مسلم برقم (٨٤٥).