كتاب فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط 4 (اسم الجزء: 1)
وَبِهَذَا قَالَ أَبُو سَلَمَةَ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَ عَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَمَكْحُولٌ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَالزُّهْرِيُّ، وَرَبِيعَةُ: يُعِيدُ الصَّلَاةَ.
والراجح ما ذهب إليه الجمهور من عدم إعادة الصلاة، وقد استدلوا بحديث أبي سعيد الخدري المتقدم، وقد تقدم الكلام عليه.
قال ابن قدامة -رحمه الله-: وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ تَيَمَّمَ، وَهُوَ يَرَى بُيُوتَ الْمَدِينَةِ، فَصَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَدِينَةَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ، فَلَمْ يُعِدْ (¬١)؛ وَلِأَنَّهُ أَدَّى فَرْضَهُ كَمَا أُمِرَ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ، كَمَا لَوْ وَجَدَهُ بَعْدَ الْوَقْتِ. اهـ
وقد نقل النووي عن الأوزاعي استحباب الإعادة كما في «شرح المهذب» (٢/ ٣٠٦)، ولا دليل على الاستحباب، بل لا يجوز الإعادة لها؛ لقوله -صلى الله عليه وعلى آلوه وسلم-: «لا تصلوا صلاةً في يوم مرتين» (¬٢)، وهذا ترجيح ابن حزم -رحمه الله- في «المحلَّى» (٢٣٤)، ثم الإمام ابن عثيمين -رحمه الله- «الشرح الممتع» (١/ ٣٤٤).
مسألة [٣]: أيهما المختار: تأخير التيمم، أو تقديمه؟
• في المسألة أربعة أقوال:
الأول: تأخير التيمم أولى بكل حال، وهو قول عطاء، والحسن، وابن سيرين، والزهري، وأحمد، والثوري، وأبي حنيفة.
---------------
(¬١) أثر ابن عمر -رضي الله عنهما- أخرجه ابن المنذر في «الأوسط» (٢/ ٦٠) بإسناد صحيح.
(¬٢) أخرجه أبو داود (٥٧٩)، والنسائي (٢/ ١١٤)، من طريق حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن سليمان بن يسار يعني مولى ميمونة، عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- به. وهذا إسنادٌ حسنٌ.