كتاب فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط 4 (اسم الجزء: 1)
١٣٩ - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الَّذِي يَأْتِي امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ- قَالَ: «يَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ، أَوْ نِصْفِ دِينَارٍ». رَوَاهُ الخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ الحَاكِمُ وَابْنُ القَطَّانِ، وَرَجَّحَ غَيْرُهُمَا وَقْفَهُ. (¬١)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
مسألة [١]: هل على من أتى امرأته حائضًا كفارة؟
قال الإمام النووي -رحمه الله- في «شرح مسلم» (٣/ ٢٠٨ - ٢٠٩): وَإِنْ وَطِئَهَا -يعني الحائض- عَامِدًا، عَالِمًا بِالْحَيْضِ، وَالتَّحْرِيم، مُخْتَارًا؛ فَقَدْ اِرْتَكَبَ مَعْصِيَة كَبِيرَة، نَصَّ الشَّافِعِيّ عَلَى أَنَّهَا كَبِيرَة، وَتَجِب عَلَيْهِ التَّوْبَة.
وَفِي وُجُوب الْكَفَّارَة قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ، -أَصَحّهمَا وَهُوَ الْجَدِيد-، وَقَوْل مَالِك، وَأَبِي حَنِيفَة، وَأَحْمَد فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَجَمَاهِير السَّلَف: أَنَّهُ لَا كَفَّارَة عَلَيْهِ.
وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ السَّلَف: عَطَاء، وَابْن أَبِي مُلَيْكَة، وَالشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَمَكْحُول، وَالزُّهْرِيّ، وَأَبُو الزِّنَاد، وَرَبِيعَة، وَحَمَّاد بْن أَبِي سُلَيْمَان، وَأَيُّوب
---------------
(¬١) أخرجه أحمد (١/ ٢٣٠)، وأبوداود (٢٦٤)، والنسائي (١/ ١٥٣)، والترمذي (١٣٦)، وابن ماجه (٦٤٠)، والحاكم (١/ ١٧٢).
وقد توسع أحمد بن شاكر -رحمه الله- في جمع طرق الحديث بما لم يسبق إليه فيما نعلم في حاشيته على «سنن الترمذي» (١/ ٢٤٥ - ٢٥٤).
والظاهر والله أعلم أن الراجح وقفه، وقد صح عن شعبة أنه وقفه بعد أن كان يرفعه، وقال: كنت مجنونًا فصححت.
ورجح الموقوف الدارقطني، والبيهقي، ومال إليه النسائي، وضعفه آخرون. انظر «التلخيص» (١/ ٢٩٣).