كتاب فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط 4 (اسم الجزء: 2)

«الإرواء» (٢٢٩).
وجاء في الحديث في أذان بلال، وابن أم مكتوم للصبح، قال: ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا، ويرقى هذا. (¬١)
قال ابن المنذر -رحمه الله-: فقوله: (ينزل هذا، ويرقى هذا) يدل على أنَّ أذانهما كان على منارة، أو على شيء مرتفع.
قلتُ: أما المنارة؛ فلم يكن هناك منارة، ولكن على شيء مرتفع.
وقد استدل أهل العلم بهذين الحديثين على استحباب الأذان من مكان مرتفع. (¬٢)
هل يقيم للصلاة من مكان مرتفع؟
جاء عن بعض الحنابلة، والشافعية، أنهم استحبوا أن يقيم من موضع أذانه، ونصَّ عليه أحمد، واستدلوا بحديث بلال عند أبي داود (٩٣٧): «لا تسبقني بآمين»، يعني لو كان يقيم في موضع صلاته؛ لما خاف أن يسبقه بالتأمين.
واستدلوا بحديث ابن عمر عند أبي داود (٥١٠) بإسناد صحيح، قال: كُنَّا إذا سمعنا الإقامة توضأنا، ثم خرجنا.
قلتُ: حديث بلال ضعيفٌ، فيه انقطاع؛ لأنَّ أبا عثمان النهدي لم يلقَ بلالًا، ولا النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وأما حديث ابن عمر فليس بصريح؛ لأنَّ من كان قريبًا من
---------------
(¬١) هو قطعة من الحديث الآتي برقم (١٨٢).
(¬٢) انظر: «المغني» (٢/ ٨٣)، «الأوسط» (٣/ ٢٨)، «غاية المرام» (٣/ ١٢١).

الصفحة 104