كتاب فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط 4 (اسم الجزء: 2)

١٥٢ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا اشْتَدَّ الحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ؛ فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (¬١)

المسائل والأحكام المستفادة من الحديث

مسألة [١]: الإبراد بصلاة الظهر عند اشتداد الحر.
• ذهب جمهور العلماء إلى استحباب الإبراد، واستدلوا بحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- المذكور في الباب، وقد جاء أيضًا عن أبي ذر -رضي الله عنه- في «الصحيحين»، (¬٢) وعن أنس، وأبي سعيد، وابن عمر -رضي الله عنهم-، وثلاثتها في «البخاري». (¬٣)
وقد ادَّعى الكرماني الإجماع على عدم الوجوب، وتعقَّبه الحافظ في حكاية الإجماع بأن عياضًا، وغيره قد نقلوا عن قومٍ الوجوبَ؛ لظاهر الأحاديث.
• وذهب بعضهم إلى أنَّ التعجيل أفضل مطلقًا، واستدلوا بحديث خبَّاب بن الأَرَت في «صحيح مسلم» (٦١٩)، قال: شكونا إلى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- حرَّ الرَّمْضَاء، فلم يشكنا. وقالوا في حديث الباب: معنى «أبردوا»، أي: مأخوذٌ من برد النهار، وهو أوله، فالمراد به أن يُصَلَّى الظهر في أول وقته، وهو عند الزوال.
وأجاب الجمهور: بأنَّ هذا تأويلٌ مُتَكَلَّفٌ، وفيه تَعَسُّفٌ، وأما حديث خبَّاب؛ فقد أجابوا عنه بأجوبة، فمنهم من قال: إنه منسوخٌ، ومنهم من قال: إن حديث
---------------
(¬١) أخرجه البخاري (٥٣٦)، ومسلم (٦١٥).
(¬٢) أخرجه البخاري برقم (٥٣٥)، ومسلم برقم (٦١٦).
(¬٣) أخرجها البخاري برقم (٩٠٦) (٥٣٨) (٥٣٤).

الصفحة 43