كتاب فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط 4 (اسم الجزء: 3)

فيجب أن يكون حال اضطراره، وأكله الذي يأكل فيه غير باغٍ، ولا عادٍ؛ فإنه قال: {فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ}، ومعلوم أنَّ الإثم إنما ينفى عن الأكل الذي هو الفعل، لا عن نفس الحاجة إليه، فمعنى الآية: (فمن اضطر، فأكل غير باغٍ، ولا عادٍ)، وهذا يبين أنَّ المقصود أنه لا يبغي في أكله، ولا يتعدى.
وهذا القول هو الصواب، وهو ترجيح شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-.
فائدة: ثبت عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: لا تقصر الصلاة إلا في حج، أو جهاد. أخرجه ابن أبي شيبة (٢/ ٤٦٦)، وعبد الرزاق (٢/ ٥٢٢)، وابن المنذر (٤/ ٣٤٥) بإسناد صحيح. وخالفه غيره من الصحابة منهم ابن عمر، وابن عباس -رضي الله عنهما-، كما في المصادر المتقدمة بإسناد صحيح، وعزا ابن المنذر إلى عامة أهل العلم مشروعية ذلك، وهو الصحيح، والله أعلم. (¬١)

مسألة [٤]: هل تُشترط النية في القصر؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، كما في «مجموع الفتاوى» (٢٤/ ٢٠ - ٢١): وَالْعُلَمَاءُ مُتَنَازِعُونَ فِي المُسَافِرِ: هَلْ فَرْضُهُ الرَّكْعَتَانِ؟ وَلَا يَحْتَاجُ قَصْرُهُ إلَى نِيَّةٍ؟ أَمْ لَا يَقْصُرُ إلَّا بِنِيَّةٍ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الأوَّلُ: قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ، كَأَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ.
وَالثَّانِي: قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَهُوَ الْقَوْلُ الْآخَرُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ اخْتَارَهُ
---------------
(¬١) وانظر: «المغني» (٣/ ١١٥)، «المجموع» (٤/ ٣٤٦)، «مجموع الفتاوى» (٢٤/ ١١٠ - ١١٣).

الصفحة 130