كتاب فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط 4 (اسم الجزء: 3)

بَعْضُ المَسَائِلِ المُلْحَقَة
مسألة [١]: خروج أهل الذمة للاستسقاء.
• قال الإمام ابن عبد البر -رحمه الله- في «التمهيد» (١٧/ ١٧٥): واختلف العلماء في خروج أهل الذمة إلى الاستسقاء؛ فأجاز ذلك بعضهم، وممن ذهب إلى ذلك: مالك، وابن شهاب، ومكحول، وقال ابن المبارك: إن خرجوا عدل بهم عن مصلى المسلمين. وقال إسحاق: لا يؤمروا بالخروج، ولا ينهوا عنه. وكرهت طائفة من أهل العلم خروج أهل الذمة إلى الاستسقاء منهم أبو حنيفة والشافعي وأصحابهما. وقال الشافعي فإن خرجوا متميزين لم أمنعهم. اهـ
قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٣/ ٣٤٩): لَا يُسْتَحَبُّ إخْرَاجُ أَهْلِ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ أَعْدَاءُ الله الَّذِينَ كَفَرُوا بِهِ، وَبَدَّلُوا نِعْمَتَهُ كُفْرًا، فَهُمْ بَعِيدُونَ مِنْ الْإِجَابَةِ، وَإِنْ أُغِيثَ المُسْلِمُونَ فَرُبَّمَا قَالُوا: هَذَا حَصَلَ بِدُعَائِنَا وَإِجَابَتِنَا. وَإِنْ خَرَجُوا لَمْ يُمْنَعُوا؛ لِأَنَّهُمْ يَطْلُبُونَ أَرْزَاقَهُمْ مِنْ رَبِّهِمْ، فَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُجِيبَهُمْ اللهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ قَدْ ضَمِنَ أَرْزَاقَهُمْ فِي الدُّنْيَا، كَمَا ضَمِنَ أَرْزَاقَ المُؤْمِنِينَ، وَيُؤْمَرُوا بِالِانْفِرَادِ عَنْ المُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ، فَيَعُمَّ مَنْ حَضَرَهُمْ؛ فَإِنَّ قَوْمَ عَادٍ اسْتَسْقَوْا، فَأَرْسَلَ اللهُ عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا، فَأَهْلَكَتْهُمْ؛ فَإِنْ قِيلَ: فَيَنْبَغِي

الصفحة 361