كتاب فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط 4 (اسم الجزء: 3)

هُنَاكَ تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَهَذَا أَصْلٌ نَافِعٌ أَيْضًا، وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي «صَحِيحِهِ» عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يُصَلُّونَ لَكُمْ فَإِنْ أَصَابُوا فَلَكُمْ وَلَهُمْ وَإِنْ أَخْطَئُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ»، فَهَذَا نَصٌّ فِي أَنَّ الْإِمَامَ إذَا أَخْطَأَ كَانَ دَرْكُ خَطَئِهِ عَلَيْهِ لَا عَلَى المَأْمُومِينَ، فَمَنْ صَلَّى مُعْتَقِدًا طَهَارَتَهُ، وَكَانَ مُحْدِثًا، أَوْ جُنُبًا، أَوْ
كَانَتْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ، وَقُلْنَا: عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ لِلنَّجَاسَةِ كَمَا يُعِيدُ مِنْ الْحَدَثِ، فَهَذَا الْإِمَامُ مُخْطِئٌ فِي هَذَا الِاعْتِقَادِ فَيَكُونُ خَطَؤُهُ عَلَيْهِ فَيُعِيدُ صَلَاتَهُ، وَأَمَّا المَأْمُومُونَ فَلَهُمْ هَذِهِ الصَّلَاةُ وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ مِنْ خَطَئِهِ شَيْئ كَمَا صَرَّحَ بِهِ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وَهَذَا نَصٌّ فِي إجْزَاءِ صَلَاتِهِمْ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ بَعْضَ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ بِتَأْوِيلِ أَخْطَأَ فِيهِ عِنْدَ المَأْمُومِ، مِثْلَ أَنْ يَمَسَّ ذَكَرَهُ وَيُصَلِّيَ، أَوْ يَحْتَجِمَ وَيُصَلِّيَ، أَوْ يَتْرُكَ قِرَاءَةَ الْبَسْمَلَةِ، أَوْ يُصَلِّيَ وَعَلَيْهِ نَجَاسَةٌ لَا يُعْفَى عَنْهَا عِنْدَ المَأْمُومِ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ فَهَذَا الْإِمَامُ أَسْوَأُ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ مُخْطِئًا إنْ لَمْ يَكُنْ مُصِيبًا؛ فَتَكُونُ هَذِهِ الصَّلَاةُ لِلْمَأْمُومِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ مِنْ خَطَإِ إمَامِهِ شَيْئٌ. اهـ

الصفحة 37