كتاب فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط 4 (اسم الجزء: 3)
وقد استدل على الجواز بأنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان يصبغ بالصُّفْرَة، كما في «الصحيحين» (¬١) عن ابن عمر -رضي الله عنهما-.
ولا حجة في ذلك؛ فإن المراد به صبغ الشعر، وكلامنا في مسألتنا على صبغ الثياب بالعصفر، وأما الآثار الواردة عن الصحابة؛ فلعله لم يبلغهم النهي، ولعل ابن عمر بلغه بعد ذلك النهي؛ فمنع منه. والله أعلم.
وأما ما يتعلق بلبس المعصفر للنساء فهو مشروع في حقهن عند عامة أهل العلم، وقد ثبت عن عائشة، وأم سلمة، وأسماء بنت أبي بكر (أنهن لبسن المعصفرات، كما في «مصنف ابن أبي شيبة»، و «مصنف عبد الرزاق».
وأخرج عبد الرزاق بإسناد صحيح عن عائشة بنت سعد -رضي الله عنها-، قالت: رأيت ستًّا من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبسن المعصفر.
ويدل على مشروعية لبسه للنساء: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-، عند أحمد (٦٨٥٢)، وأبي داود (٤٠٦٦) قال: هبطنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ثنية فالتفت إلي وعلي ريطة مضرجة بالعصفر، فقال: «ما هذه الريطة عليك؟». فعرفت ما كره؛ فأتيت أهلى وهم يسجرون تنورا لهم فقذفتها فيه، ثم أتيته من الغد، فقال «يا عبد الله ما فعلت الريطة؟». فأخبرته فقال: «ألا كسوتها بعض أهلك؛ فإنه لا بأس به للنساء». وإسناده حسن. (¬٢)
---------------
(¬١) أخرجه البخاري برقم (١٦٦)، ومسلم برقم (١١٨٧).
(¬٢) وانظر: «فتح الباري» لابن رجب -رحمه الله- (٢/ ٢٢١ - ٢٢٢)، «مصنف ابن أبي شيبة» (٨/ ١٧٧ - )، «مصنف عبد الرزاق» (١١/ ٧٦).
الصفحة 376
616