كتاب فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط 4 (اسم الجزء: 3)

يسترخي؛ إلا أن أتعاهده. فقال له: «إنك لست ممن يفعله خيلاء» أخرجه البخاري (٥٧٨٤)، من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.
• وذهب أحمد في رواية، واختارها بعض الحنابلة إلى تحريم جرِّ الثوب، وإنْ لم يكن خيلاء، وهو اختيار شيخ الإسلام -رحمه الله- كما في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ص ١٣٠) وإليه مال الحافظ ابن حجر، واستدلوا على ذلك بحديث جابر بن سليم في «سنن أبي داود» (٤٠٨٤)، وأحمد (٥/ ٦٣، ٦٤): أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال له: «إياك وإسبال الإزار؛ فإنَّ إسبال الإزار من المخيلة»، وصححه شيخنا الوادعي -رحمه الله- في «الصحيح المسند» (١٩٦).
قال الشوكاني -رحمه الله- في «نيل الأوطار» (١/ ٦٤٠): وَقَدْ عَرَفْت مَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنْ قَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم - لِأَبِي بَكْرٍ: «إنَّك لَسْت مِمَّنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ خُيَلَاءَ»، وَهُوَ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ مَنَاطَ التَّحْرِيمِ الْخُيَلَاءُ، وَأَنَّ الْإِسْبَالَ قَدْ يَكُونُ لِلْخُيَلَاءِ، وَقَدْ يَكُونُ لِغَيْرِهِ، فَلَابُدَّ مِنْ حَمْلِ قَوْلِهِ «فَإِنَّهَا مِنَ المَخِيلَةُ» فِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سُلَيم عَلَى أَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ؛ فَيَكُونُ الْوَعِيدُ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ الْبَابِ مُتَوَجِّهًا إلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ اخْتِيَالًا، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ كُلَّ إسْبَالٍ مِنْ الْمَخِيلَةِ أَخْذًا بِظَاهِرِ حَدِيثِ جَابِرٍ ابنِ سُلَيم تَرُدُّهُ الضَّرُورَةُ؛ فَإِنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَعْلَمُ أَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يُسْبِلُ إزَارَهُ مَعَ عَدَمِ خُطُورِ الْخُيَلَاءِ بِبَالِهِ، وَيَرُدُّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم - لِأَبِي بَكْرٍ مَا عَرَفْت. اهـ
قال أبو عبد الله غفر الله له: هذا كلامٌ نفيسٌ من الإمام الشوكاني -رحمه الله-، ولكنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- اعتبر هذا الغالب، وهذه المظنة أعني أنَّ إسبال الثوب مظنة الخيلاء

الصفحة 386