كتاب فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط 4 (اسم الجزء: 3)

٥٢٦ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «نَفْسُ المُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ. (¬١)
الحكم المستفاد من الحديث
قال النووي -رحمه الله- في معناه كما في «شرح المهذب» (٥/ ١٢٢): والمختار أنَّ معناه: أنَّ نفسه مطالبة بما عليه، ومحبوسة عن مقامها الكريم حتى يُقْضَى، لا أنه يعذب؛ لاسيما إنْ كان خلفه وفاء، وأوصى به. اهـ
قلتُ: وقد جاءت أحاديث كثيرة تُبين عِظَمَ الدَّيْن، والتحذير من التساهل فيه، منها حديث: «يُغفر للشهيد كل ذنب إلا الدَّيْن»، رواه مسلم (١٨٨٦) عن عبد الله ابن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-، وجاء نحوه عن أبي قتادة -رضي الله عنه- في «مسلم» أيضًا برقم (١٨٨٥).
ولذلك قال أهل العلم: ينبغي أن يسارع أولياء الميت بقضاء دين ميتهم، فإذا عجزوا عن ذلك، أو كانت تركة الميت عقارًا يحتاج إلى بيع؛ فإنهم يسألون الغرماء أن يحتالوا عليهم، ويتحملوا عن ميتهم الدَّين كما جاء في «البخاري» (٢٢٨٩) عن سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه- أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ترك الصلاة على رجلٍ، فتحمل دينه
---------------
(¬١) رواه أحمد (٢/ ٤٤٠، ٤٧٥)، والترمذي (١٠٧٩). وقد اختلف في إسناد هذا الحديث كما أبانه الدارقطني في «العلل» (٩/ ٣٠٣) ورجح طريق سفيان الثوري، عن سعد بن إبراهيم، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة. وهذه الطريق ضعيفة لضعف عمر بن أبي سلمة، ولكن للحديث طريق أخرى. أخرجه ابن حبان (٣٠٦١)، من طريق إسحاق بن إبراهيم الدبري عن عبدالرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة به. وهذا إسناد ظاهره الصحة.

الصفحة 409