كتاب فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط 4 (اسم الجزء: 3)

وَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ، لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، إلَّا مَا يُحْكَى عَنْ الْحَسَنِ: لَا يُصَلَّى عَلَى النُّفَسَاءِ؛ لِأَنَّهَا شَهِيدَةٌ. وَلَنَا: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى عَلَى امْرَأَةٍ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا، فَقَامَ وَسَطَهَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، (¬١) وَصَلَّى عَلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، وَهُوَ شَهِيدٌ، وَصَلَّى المُسْلِمُونَ عَلَى عُمَرَ، وَعَلِيٍّ -رضي الله عنهما-، وَهُمَا شَهِيدَانِ. اهـ

مسألة [٦]: من قُتِل ظلمًا، أو قُتِل دون ماله، أو نفسه، أو أهله؟
• قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٣/ ٤٧٥): فَأَمَّا مَنْ قُتِلَ ظُلْمًا، أَوْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ، أَوْ دُونَ نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ:
إحْدَاهُمَا: يُغَسَّلُ. اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَمَالِكٍ؛ لِأَنَّ رُتْبَتَهُ دُونَ رُتْبَةِ الشَّهِيدِ فِي الْمُعْتَرَكِ، فَأَشْبَهَ الْمَبْطُونَ؛ وَلِأَنَّ هَذَا لَا يَكْثُرُ الْقَتْلُ فِيهِ، فَلَمْ يَجُزْ إلْحَاقُهُ بِشُهَدَاءِ الْمُعْتَرَكِ.
وَالثَّانِيَةُ: لَا يُغَسَّلُ، وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَإِسْحَاقَ فِي الْغُسْلِ؛ لِأَنَّهُ قُتِلَ شَهِيدًا، أَشْبَهَ شَهِيدَ الْمُعْتَرَكِ، قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ».اهـ (¬٢)
قال أبو عبد الله غفر الله له: الصواب أنه يُصلَّى عليه؛ لأنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إنما ترك الصلاة على شهيد المعركة، وأما غيره من الشهداء، فيبقون على الأصل، وهو وجوب الغسل، والصلاة عليهم، والله أعلم.
---------------
(¬١) سيأتي في الكتاب برقم (٥٤٤).
(¬٢) سيأتي الحديث في الكتاب برقم (١١٩٦).

الصفحة 438