كتاب فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط 4 (اسم الجزء: 3)

٥٤٣ - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: سَمِعْت النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جِنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا لَا يُشْرِكُونَ بِاللهِ شَيْئًا إلَّا شَفَّعَهُمُ اللهُ فِيهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. (¬١)
الحكم المستفاد من الحديث
فيه استحباب تكثير المصلين على الجنازة، وفي «صحيح مسلم» أيضًا برقم (٩٤٧) عن عائشة، وأنس -رضي الله عنهما-، مرفوعًا: «ما من ميت تصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه».
قال النووي -رحمه الله-: وَفِي حَدِيث آخَر: «ثَلَاثَة صُفُوف»، رَوَاهُ أَصْحَاب السُّنَن. قَالَ الْقَاضِي: قِيلَ: هَذِهِ الْأَحَادِيث خَرَجَتْ أَجْوِبَة لِسَائِلِينَ سَأَلُوا عَنْ ذَلِكَ، فَأَجَابَ كُلّ وَاحِد مِنْهُمْ عَنْ سُؤَاله. هَذَا كَلَام الْقَاضِي، وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أُخْبِرَ بِقَبُولِ شَفَاعَة مِائَة، فَأَخْبَرَ بِهِ، ثُمَّ بِقَبُولِ شَفَاعَة أَرْبَعِينَ، ثُمَّ ثَلَاثَة صُفُوف، وَإِنْ قَلَّ عَدَدهمْ، فَأَخْبَرَ بِهِ، وَيَحْتَمِل أَيْضًا أَنْ يُقَال: هَذَا مَفْهُوم عَدَد، وَلَا يَحْتَجّ بِهِ جَمَاهِير الْأُصُولِيِّينَ؛ فَلَا يَلْزَم مِنْ الْإِخْبَار عَنْ قَبُول شَفَاعَة مِائَة مَنْع قَبُول مَا دُون ذَلِكَ، وَكَذَا فِي الْأَرْبَعِينَ مَعَ ثَلَاثَة صُفُوف، وَحِينَئِذٍ كُلّ الْأَحَادِيث مَعْمُول بِهَا، وَيَحْصُل الشَّفَاعَة بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ ثَلَاثَة صُفُوف، وَأَرْبَعِينَ. اهـ
قلتُ: حديث الثلاثة الصفوف أخرجه أحمد (١٦٧٢٤)، وأبو داود (٣١٦٦)،
---------------
(¬١) أخرجه مسلم برقم (٩٤٨).

الصفحة 460