كتاب فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط 4 (اسم الجزء: 3)

٥٥٣ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أَسْرِعُوا بِالجِنَازَةِ؛ فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إلَيْهِ، وَإِنْ تَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ».مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (¬١)

المسائل والأحكام المستفادة من الحديث

مسألة [١]: حكم الإسراع بالجنازة وكيفيته.
قال النووي -رحمه الله- في «المجموع» (٥/ ٢٧١): واتفق العلماء على استحباب الإسراع بالجنازة؛ إلا أن يخاف من الإسراع انفجار الميت، أو تغيره، أو نحوه، فيُتأنى، قال الشافعي والأصحاب: المراد بالإسراع فوق المشي المعتاد ودون الخبب. اهـ
وقد نقل ابن قدامة أيضًا عدم الخلاف في الاستحباب، وقد ذهب ابن حزم إلى الوجوب؛ لظاهر قوله: «أسرعوا بالجنازة»، وهو ترجيح الإمام الألباني، وهو الصحيح؛ لعدم وجود صارف عن الوجوب، وقد أنكر أبو بكرة -رضي الله عنه- على من أبطأ بها، وقال: لقد رأيتنا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- نكاد أن نرمل بها رملًا. (¬٢) ودلَّ هذا الحديث أيضًا على أنَّ الإسراع دون الرمل، وهو قول عامة أهل العلم. (¬٣)
---------------
(¬١) أخرجه البخاري (١٣١٥)، ومسلم (٩٤٤).
(¬٢) أخرجه أحمد (٥/ ٣٧، ٣٨)، وأبو داود (٣١٨٢)، والنسائي (٤/ ٤٢، ٤٣)، وإسناده صحيح، وقد صححه شيخنا الوادعي -رحمه الله- في «الصحيح المسند» (١١٧١).
(¬٣) وانظر: «فتح الباري» (١٣١٥)، «أحكام الجنائز» (ص ٩٤)، «المغني» (٣/ ٣٩٤ - ٣٩٥)، «المجموع» (٥/ ٢٧١).

الصفحة 498