كتاب فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط 4 (اسم الجزء: 3)

وأما من قال بالجواز فقد استُدِلَّ لهم بحديث أبي هريرة عند أحمد (٧٦٩١) (٩٧٣١)، أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان في جنازة، فرأى عمر امرأةً، فصاح بها، فقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «دعها يا عمر؛ فإنَّ العين دامعة، والنفس مصابة، والعهد قريب»، وهو من طريق: محمد بن عمرو بن عطاء، عن أبي هريرة، ولم يسمعه منه، فقد رواه عن سلمة بن الأزرق عنه كما في بعض الطرق، وسلمة بن الأزرق مجهول.
والأقرب من هذه الأقوال قول الجمهور، أعني القول بالكراهة، وهو اختيار ابن المنذر، والله أعلم. (¬١)
فائدة: جاءت أحاديث تدل على تحريم الاتباع ولكنها لم تصح ولم تثبت، وهي:
١) حديث علي عند ابن ماجه (١٥٧٨)، أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال لنساءٍ: «ارجعن مأزورات، غير مأجورات»، وفي إسناده: إسماعيل بن سلمان الكوفي، وهو متروك، وفيه أيضًا: دينار أبو عمر الأسدي، كذبه الخليلي، وقال البخاري: كان مختاريًا. يعني من شُرَط المختار بن أبي عبيد الثقفي الكذاب.
٢) حديث عبدالله بن عمروبن العاص عند أحمد (٢/ ١٦٨)، وأبي داود (٣١٢٣) والنسائي (٤/ ٢٧)، أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال لفاطمة في ضمن حديث طويل: «لو كنت بلغت معهم الكُدَى -المقبرة- ما دخلت الجنة حتى يدخل جد أبيك»، وفي إسناده ربيعة بن سيف المعافري، ضعيفٌ، وأُنكر عليه هذا الحديث.
---------------
(¬١) انظر: «الأوسط» (٥/ ٣٨٧)، «الإنصاف» (٢/ ٥١٨ - ٥١٩)، «المغني» (٣/ ٤٠١)، «شرح مسلم» (٩٣٨).

الصفحة 510